للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماشيات ودخلن على الشريف أبي جعفر في مكاتبة القائد بإعادة الأمان. فكتب إليه يهنئه بالفتح، ويسأله إعادة الأمان، فعاد الجواب بأمانهم، ثم ورد رسوله إلى جعفر بأن يجتمع به مع جماعة من الأشراف والعلماء ووجوه البلد، فاجتمعوا به في الجيزة، ونادى مناد: ينزل الناس كلهم، إلا الوزير والشريف. فنزلوا وسلموا عليه واحداً بعد واحد، والوزير عن شماله، والشريف عن يمينه، ولما فرغوا من السلام ابتدؤوا بدخول البلد، فدخلوا وقت زوال الشمس، وعليهم السلام والعدد، ودخل جوهر بعد العصر، وخيوله وجنوده بين يديه، وعليه ثوب ديباج، وتحته فرس أصفر، ونزل في موضع القاهرة اليوم، واختط موضع القاهرة، ولما أصبح المصريون حضروا عند القائد للتهنئة، فوجدوه قد حفر أساس القصر في الليل، وكان فيه دورات جاءت غير معتدلة لم تعجبه، ثم قال: حفرت في ساعة سعيدة لا أغيرها. وأقام عسكره يدخل البلد سبعة أيام، وبادر جوهر بالكتاب إلى مولاه يبشره بالفتح، وأنفذ إليه رؤوس القتلى في الوقعة، وقطع خطبة بني العباس عن منابر الديار المصرية، وكذلك أسمهم على السكة، وجعل ذلك كله باسم مولاه المعز، وزال الشعار الأسود، وألبس الخطباء الثياب البيض، وفي يوم الجمعة أمر جوهر بزيادة عقب الخطبة: اللهم صل على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول اللذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، اللهم صل على الأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين. وعاد في الجمعة الأخرى وأذن بحي على خير العمل. ودعا الخطيب على المنبر للقائد جوهر، فأنكر جوهر عليه وقال: ليس هذا رسم موالينا. وشرع في عمارة الجامع بالقاهرة.

قال ابن خلكان: وأظن هذا الجامع هو المعروف بجامع الأزهر، فإن الجامع الآخر بالقاهرة مشهور بجامع الحاكم. وأقام جوهر مستقلاً بتدبير مملكة مصر قبل وصول مولاه المعز إليها أربع سنين وعشرين يوماً. ولما وصل المعز إلى القاهرة خرج جوهر من القصر إلى القائد، ولم يخرج معه شيء إليه سوى ما كان عليه من الثياب، ثم لم يعد إليه، ونزل في داره بالقاهرة، وسيأتي أيضاً طرف من خبره وخبر سيده المعز في ترجمته إن شاء الله تعالى.

وكان ولده الحسين قائد القواد للحاكم صاحب مصر، وكان قد خاف على نفسه من الحاكم وولده وصهره القاضي عبد العزيز زوج أخته، فأرسل الحاكم من برهم وطيب قلوبهم، وآنسهم مدة مديدة، ثم حضروا للخدمة، فتقدم الحاكم إلى سيف النقمة وأشد، فاستصحب عشرة من الغلمان الأتراك، وقتلوا الحسين وصهره القاضي، وأحضروا رأسيهما بين يدي الحاكم " في القيامة يكون التحاكم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>