قلت هذا هو في الأصل المنقول منه، وصوابه علاك من الدنيا ومن جنة الخلد والطلى: بضم الطاء المهملة وتشديدها: الأعناق، وهو مراده في هذا البيت وبكسرها: القطران وما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه، والخمر عند بعض العرب وبفتحها: الولد من ذوات الظلف. والطلي بكسر اللام: الصغير من أولاد الغنم والطرف بكسر الطاء: الكريم من الخيل.
وفيها توفي أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي بضم الصاد المنجم المصري صاحب الزيج بكسر الزاي وسكون المثناة من تحت، وفي آخره جيم الحاكمي، المشهور المعروف بزيج ابن يونس، وهو زيج كبير في أربع مجلدات، بسط القول والعمل فيه، وما أقصر في تحريره، وذكر أن الذي أمره بعمله وابتدأه للعزيز بن الحاكم صاحب مصر.
قال بعضهم كان ابن يونس المذكور أبله مغفلاً يعتم على طرطور طويل، ويجعل رداءه فوق العمامة، وكان طويلاً، إذا ركب ضحك منه الناس لشهرته ورثاثة لباسه وسوء حالته، وكان له مع هذه الهيئة إصابة بديعة غريبة في النخامة، لا يشاركه فيها أحد، وكان متفنناً في علوم كثيرة، وقد أفنى عمره في النجوم والسير والتوليد، ولا نظير له في ذلك، وكان يضرب بالعود على جهة التأدب به، وله شعر حسن منه قوله:
أحمل نشر الريح عند هبوبه ... رسالة مشتاق لوجه حبيبه
بنفسي من تحيى النفوس بقربه ... ومن طابت الدنيا به وبطيبه
لعمري لقد عطلت كأسي بعده ... وغيبتها عني لطول مغيبه
وجدد وجدي طائف منه في الكرى ... سرى موهناً في خفية من رقيبه
ويحكى أن الحاكم العبيدي صاحب مصر قال وقد جرى في مجلسه ذكر ابن يونس