للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها توفي الإمام الكبير الحافظ النحرير أحمد بن الحسين البيهقي الفقيه الشافعي، واحد زمانه وفرد أقرانه في الفنون، من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله بن البيع في الحديث الزائد عليه في أنواع العلوم، له مناقب شهيرة وتصانيف كثيرة بلغت ألف جزء، نفع الله تعالى بها المسلمين شرقاً وغرباً وعجماً وعرباً، لفضله وجلالته وإتقانه وديانته تغمده الله برحمته غلب عليه الحديث، واشتهر به، ورحل في طلبه إلى العراق والجبال والحجاز، وسمع بخراسان من علماء عصره، وكذلك بقية البلاد التي انتهى إليها، وأخذ الفقه عن أبي الفتح ناصر بن محمد العمري المروزي، وهو أول من جمع نصوص الشافعي في عشر مجلدات. ومن مشهور مصنفاته السنن الكبير والسنن الصغير ودلائل النبوة والسنن والآثار والخلافيات وهو من الكتب الباهرة وشعب الايمان ومناقب الإمام الشافعي ومناقب الإمام احمد والأسماء والصفات والبعث والنشور وكتاب الاعتقاد وكتاب الدعوات وكتاب الزهد وكتاب المدخل وكتاب الآداب وكتاب الترغيب وكتاب الأسرار. قال الشيخ الإمام عبد الغافر الفارسي: كان على سيرة العلماء قانعاً باليسير من الدنيا، محموداً في زهده وورعه. وذكر غيره أنه سرد الصوم ثلاثين سنة، وذكر بعضهم أن مشايخه نحو المائة، قال وليسوا بالنسبة إلى علومه بكثير ولكن بورك للرجل في ذلك، لكنه سمع مصنفات عديدة، ومع هذا فاته أشياء منها: مسند الإمام. هكذا قال في الأصل، وكأنه يعني الإمام أحمد. ومنها سنن النسائي وابن ماجة وجامع الترمذي، كل هذه ليست عنده إلا ما قل منها، وقال إمام الحرمين في حقه: ما من شافعي المذهب إلا وللشافعي عليه منة إلا أحمد البيهقي، فإن له على الشافعي منة، فإنه كان أكثر الناس نصراً لمذهب الشافعي. وطلب إلى نيسابور لنشر العلم، فأجاب، وانتقل إليها، وكان على سيرة السلف، وأخذ عنه الحديث جماعة من الأعيان كالفراوي وعبد المنعم القشيري وزاهر وغيرهم. وكان مولده في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، ونسبته إلى بيهق بفتح الموحدة وسكون المثناة من تحت وبعد الهاء المفتوحة قاف وهي قرى مجتمعة بنواحي نيسابور على عشرين فرسخاً منها. وفيها توفي الفقيه الإمام القاضي أبو عاصم محمد بن محمد بن أحمد العبادي الهروي الشافعي، وكان إماماً متقناً، انتقل في البلاد، ولقي خلقاً من المشايخ وأخذ عنهم، وصنف كتباً نافعة، منها المبسوط والهادي إلى مذهب العلماء والرد على السمعاني وأدب القضاء وطبقات الفقهاء، وسمع الحديث ورواه. فيها توفي القاضي أبو يعلى شيخ الحنابلة البغدادي فقيه عصره في مذهبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>