للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق، والقاضي ابو عبد الله الدامغاني. اما أبو إسحاق، فكان فقيراً، ولكن لو اراده لحمل على الأعناق. وأما الدامغاني، فلو أراد الحج على السندس والاستبرق لأمكنه. وقال الفقيه أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهمداني: حكى أبي قال: حضرت مع قاضي القضاة أبي الحسن الماوردي - سنة أربعين وأربعمائة - في عزاء إنسان سماه، فتكلم الشيخ أبو إسحاق، فلما خرجنا، قال الماوردي: ما رأيت كأبي إسحاق، لو رأه الشافعي لتجمل به، أو قال: لأعجب به. وقال الإمام أبو بكر الشاشي مصنف المستظهري: وشيخنا أبو إسحاق حجة على أئمة العصر. وقال الموفق الحنفي: الشيخ أبو إسحاق أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء. وقال الإمام السمعاني: كان أبو إسحاق يوسوس في الطهارة. سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: كان الشيخ أبو إسحاق يتوضأ في الشط، فغسل وجهه مراراً، فقال له رجل: يا شيخ، أما تستحي تغسل وجهك كذا وكذا مرة؟! فقال أبو إسحاق: لو حصلت لي الثلاثة ما زدت عليها. يعني: لو حصل لي العلم أو الظن المولد بعموم الثلاث للوجه ما زدت عليها. انتهى. قلت: جميع هذا المذكور في الشيخ أبي إسحاق مما ذكره علماء الطبقات والتواريخ، ومما رويناه عن أهل العلم والخبر. ومن ذلك أيضاً ما ذكر بعضهم أنه رأى الشيخ الإمام أبا إسحاق المذكور بعد وفاته وعليه ثياب بيض، وعلى رأسه تاج - فقيل له: وما هذا البياض؟ فقال: شرف الطاعة. قال: والتاج؟ قال: عز العلم. وفيه قال عاصم بن الحسن:

تراه من الذكاء نحيف جسم ... عليه من توقده دليل

إذا كان الفتى ضخم المعالي ... فليس يضره الجسسم النحيل

قال السلار العقيلي:

كفاني إذا عز الحوادث صارم ... ينيلني المأمول في الإثر والأثر

يقد ويفري في اللقاء كأنه ... لسان أبي إسحاق في مجلس النظر

ومما قيل فيه: وكان قد استقر إجماع أهل بغداد بعد موت الخليفة على أن يعقد الخلافة لمن اختاره الشيخ أبو إسحاق، فاختار المقتدي بأمر الله فيما حكاه الإمام طاهر ابن الإمام العلامة يحيى بن أبي الخير العمراني فيما يغلب على ظنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>