ما لليالي لا تؤلف شملها ... بعد ابن نجدتها أبي إسحاق
إن قيل مات فلم يمت من ذكره ... حي على مر الليالي باق
ثم درس بعده في النظامية الإمام أبو سعيد المتولي مدة، ثم صرف بالإمام ابن الصباغ، ثم صرف ابن الصباغ أيضاً بأبي سعيد المذكور على ما نقل بعضهم - وذكر بعضهم أنه لما توفي الشيخ أبو إسحاق، جلس أصحابه للعزاء بالمدرسة النظامية، فلما انقضى العزاء رتب مؤيد الملك ابن نظام الملك علي سعيد المتولي، ولما بلغ الخبر نظام الملك كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من الواجب أن تغلق المدرسة سنة لأجله. وأمر أن يدرس الشيخ أبو نصر بن الصباغ. قلت وممن درس في النظامية من الأئمة الكبار أبو حامد الغزالي، وأبو بكر الشاشي صاحب المستظهري، وأبو النجيب السهروردي، وجماعة كبار مترتبون على تعاقب الأعصار، وقد يتعجب من عدم ذكر التدريس بها إمام الحرمين، وليس بعجب، فإن إمام الحرمين كانت إقامته بنيسابور، وكان مدرساً هنالك بالمدرسة النظامية. قلت وهذا ما اقتصرت عليه من ذكر مناقب الشيخ أبي إسحاق، وله فضائل جليلة، ومحاسن جميلة، وسيرة حميدة طويلة. ثم أدبه وزهادته، وورعه وعبادته، وفضائله وبراعته، وتواضعه وقناعته، وصلاحه وكرامته وغير ذلك من مشهور المناقب ومشكور المواهب التي لا يحصرها عد حاسب. ومن ورعه ما حكوا أنه كان إذا حضر وقت الصلاة خرج من المدرسة النظامية، وصلى
في بعض المساجد. وكان يقول رحمة الله عليه: بلغني أنه أكثر آلاتها غصب واصلة على مر الدهور بالنفحات الالهية. وفي السنة المذكورة توفي طاهر بن الحسين القواس الحنبلي، وكان إماماً في الفقه والورع رحمه الله. وفيها توفي الحافظ عبد الله بن العطار الهروي. وفيها توفي الواعظ البكري الأشعري أبو بكر المغربي. وفد على نظام الملك بخراسان، فكتب له سجلاً أن يجلس بجوامع بغداد، فقدم، وجلس، ووعظ، ونال من الحنابلة سباً وتكفيراً، ونالوا منه. وفيها توفي مقرىء الأندلس في زمانه أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني الأشبيلي، مصنف كتاب الكافي وكتاب التذكير سمع من أبي ذر الهروي وجماعة.