فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً ... فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك بالأطمار جائعةيغزلن للناس لا يملكن قطميرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ... كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
قد كان دهرك إن تأمره ممتثلاً ... فردك الدهر منهياً ومأمورا
ومن شعر المعتمد أيضاً:
لولا عيون من الواشين ترمقني ... وما أحاذره من قول حراس
لزرتكم لأكافيكم لجفونكم ... شيئاً على الوجه أو سعياً على الرأس
ومما مدح به قول الشاعر:
بغيتك في محل ينجيك من ردى ... يروعك في ذرع بروقك في برد
جمال واجمال وسبق وصولة ... كشمس الضحى، كالمزن كالبرق والرعد
بمهجته شاد العلى ثم زادها ... بنى مايتا حجاجه أسد
وفيها توفي قاضي القضاة الشامي أبو بكر بن محمد الحموي الشافعي، كان من أزهد القضاة وأروعهم وأتقاهم لله وأعرفهم بالمذهب. سمع ببغداد من طائفة، وولي القضاء بعد أبي عبد الله الدامغاني، وكان من أصحاب القاضي أبي الطيب الطبري، ولم يأخذ على القضاء رزقاً، ولا غير ملبسه. قال أبو علي بن سكرة: كان يقال لو رفع المذهب أمكنه أن يملأه من صدره.
وفيها توفي الإمام الحافظ العلامة أبو عبد الله الحميد: محمد بن أبي نصر الأندلسي، مؤلف الجمع بين الصحيحين. كان أحد أوعية العلم، صحب ابن حزم الظاهري بالأندلس، وابن عبد البر، ورحل، وسمع بالقيروان والحجاز ومصر والشام والعراق، وكتب عن خلق كثير، وكان كثير الاطلاع، ذكياً فطناً، صيتاً ورعاً، أخبارياً متقناً، مغرماً في تحصيل العلم، كثير التصانيف، حجة ثقة، ظاهري المذهب، وله جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس