للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدامغاني، وكانا مقدمي الطائفة الحنفية، وكان بينه وبينهما مناقشة، فوقف أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال أبو الحسن الدامغاني متمثلا:

وما تغني النوادب والبواكي ... وقد أصبحت مثل حديث أمس

وأنشد الزينبي متمثلاً:

عقم النساء فما يلدن شبيهه ... إن النساء بمثله عقم

وكان في خدمته بالمدرسة النظامية ابراهيم بن عثمان الغزي الشاعر المشهور، فرثاه بأبيات منها قوله:

هي الحوادث لا تبقي ولا تذر ... ما للبرية عن محتومها وزر

لو كان ينجي علو من بوائقها ... لم تكسف الشمس، بل لم يخسف القمر

قل للجبان الذي أمسى على حنر ... من الحمام متى رد الردى الحدر؟

بكى على شمسه الإسلام إذ أفلت ... بأدمع قل في تشبيهها المطر

حبر عهدناه طلق الوجه مبتسماً ... والبشر أحسن ما يلقى به البشر

لئن طوته المنايا تحت أخمصها ... فعلمه الجم في الآفاق منتشر

أخا ابن إدريس كنت تورده ... تحار في نظمه الأذهان والفكر

وكان قد سئل في حياته عن يزيد بن معاوية، فقدح فيه، وشطح، وكتب فصلاً طويلاً، ثم قلب الورقة، وكتب: لو مددت بياض لمددت العنان في مجازي هذا الرجل، وقال: هذا الإنسان، وكتب: فلان ابن فلان. قال ابن خلكان: وقد أفتى الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في مثل هذه المسألة بخلاف ذلك، فإنه سئل عمن صرح بلعن يزيد، هل يحكم بفسقه، أم هل يكون ذلك مرخصاً فيه؟ وهل كان مريداً قتل الحسين رضي الله تعالى عنه أم كان قصده الدفع؟ وهل يسوغ الترحم عليه، أم السكوت أفضل أنعم بإزالة الاشتباه مثاباً؟ فأجاب: لا بجوز لعن مسلم أصلاً، ومن لعن مسلماً فهو الملعون، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: " المسلم ليس بلعان " لما وكيف يجوز لعن مسلم، ولا يجوز لعن البهائم؟ - وقد ورد النهي عن ذلك - وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة، بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويزيد صح إسلامه، وما صح قتله للحسين، ولا أمره به، وما لم يصح منه ذلك لا يجوز أن يظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام، وقد قال الله

<<  <  ج: ص:  >  >>