على نفسه فليبك من ضاع عمره ... وليس له منها نصيب ولاسهم
وفيها توفي أبو علي الحسن بن خلف القيراوني المقرىء، صاحب تلخيص العبارات في القراءات. والوزير مؤيد الدين الحسين بن علي الأصبهاني، صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملك شاه، كان من أفراد الدهر وحامل لواء النظم والنثر وهو صاحب لامية العجم. والحافظ الكبير أبو علي بن سكرة حسين بن محمد الأندلسي حج سنة إحدى وثمانين وسمع ببغداد من البانياسي وطبقته، وأخذ التعليقة الكبرى عن أبي بكر الإمام الشاشي المستظهري واخذ بدمشق عن الفقيه الإمام نصر المقدسي، ورد إلى بلاده بعلم جم وبرع في الحديث وفنونه، وصنف التصانيف. فأكره على القضاء، فوليه، ثم اختفى حتى عفي، واستشهد في المصاف وهو أبناء الستين. وفيها توفي الإمام أبو نصر عبد الرحمن ابن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري كان إماماً كبيراً، أشبه أباه في علومه ومجالسه، وواظب على حضور درس إمام الحرمين حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف. ثم خرج، فوصل الى بغداد، وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه. وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله. وكان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وله مع الحنابلة خصام بسبب الاعتقاد إذ هو وأبو وشيخه إمام الحرمين وغيرهم من أكابر العلماء ورؤوس الأشاعرة، وانتهى الأمر إلى فتنة بين الفريقين، قتل فيها جماعة من الطائفتين، وركب أحد أولاد نظام الملك حتى سكنها، وبلغ الخبر نظام الملك وهو بأصبهان وسير إليه استدعاءه، فلما حضر عنده زاد في إكرامه، ثم جهزه إلى نيسابور فلما وصل إليها لازم الوعظ والدرس إلى أن قارب انتهاء أمره، فأصابه ضعف في أعضائه وقال بعضهم: فالج فأقام لذلك مقدار شهر، ثم توفي ضحوة نهار الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة بنيسابور، ودفن بالمشهد المعروف بهم، وكان يحفظ من الشعر والحكايات شيئاً كثيراً. وأبو منصور محمود بن اسماعيل الصيرفي الأشقر، راوي المعجم الكبير للطبراني. قال السلفي: كان صالحاً.