للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرب الأقصى والأدنى وبلاد إفريقية وكثير من بلاد الأندلس - وتسمى أمير المؤمنين - وقصدته الشعراء، وامتدحته بالمدائح الحسان، وكان أبيض مليحاً، أسود الشعر وضياً، معتدل الشامة جهوري الصوت، فصيحاً عذب المنطق، لا يراه أحد إلا أحبه بديهة، وكان ملما عادلاً عظيم آلهيبة عالي آلهمة، كثير المحاسن متين الديانة، يقرأ كل يوم سبعاً، ويجتنب لبس الحرير، ويصوم الاثنين والخميس، ويهتم بالجهاد والنظر في الأمور، كأنما خلق للملك. وذكر عماد الأصبهاني في كتاب الخريدة أنه لما أنشده بعض الفقهاء:

ما هز عطفيه بين البيض والأسل ... مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي

أشار إليه أن يقتصر على هذا البيت، وأمر له بألف دينار، ولما تمهدت له القواعد وانتهت أيامه خرج من مراكش إلى مدينة سلا، فأصابه بها مرض شديد، وتوفي بها رحمه الله تعالى - وعهد إلى ولده أبي عبد الله محمد، فاضطرب أمره، وأجمعوا على خلعه، وبويع أخوه يوسف. والكومي: بضم ألفاف وسكون الواو، وبعدها ميم: نسبة إلى كومية، وهي قبيلة صغيرة نازلة بساحل البحر من أعمال تلمسان. وذكر في بعض تواريخ المغرب أن ابن تومرت كان قد ظفي بكتاب يقال له: الجفي، وفيه ما يكون على يده، وقضية عبد المؤمن وجيشه واسمه وغير ذلك مما تقدم ذكره. وقال ابن قتيبة في أوائل كتاب اختلاف الحديث بعد كلام من علم باطنه بما وقع طويل: وأعجب من هذا التفسير - تفسير إلىوافض للقرآن الكريم وما يدعونه إليهم عن الجفي الذي ذكره سعد ابن هارون العجلي وكان رأس اليزيدية - فقال شعراً:

ألم تر أن الرافضين تفيقوا ... فكلهم في جعفر قال منكرا

وطائفة قالوا إمام ومنهم ... طوائف سمته النبي المطهرا

ومن عجب لم أقصه جلد جفيهم ... برئت إلى إلىحمن ممن تجفيا

مع أبيات أخرى. قم قال ابن قتيبة: وهو جلد جفيا دعوا أنه كتب لهم فيه الإمام كل ما يحتاجون إلى عمله كل ما يكون إلى يوم القيامة، قيل: ويعنون بالإمام: الإمام جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه وإلى هذا الجفي المذكور أشار أبو العلاء المعري بقوله:

لقد عجبوا لأهل البيت لما ... أتاهم علمهم في مسك جفي

ومرآة المنجم وهي صغرى ... أرته كل عامرة وقفي

وقوله في: مسك جفي: هو بفتح الميم وسكون السين المهملة: الجلد، والجقر: بفتح الجيم وسكون الماء وبعدها راء: من أولاد المعز، ما بلغ أربعة أشهر والاثني جفية. وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>