للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي: مالك بن أنس، تأول قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا ". الحديث بتأويلين: أحدهما ينزل ملائكته تعالى ورحمته، والثاني أنه محمول على الاستعارة لأجابة ألفاعي واللطف، كما يقال: نزل الملك عن سريره إذا عدل في سيرته ولطف برعيته.

أترى هؤلاء الخصوم يتوهمون أنهم أعلم وأدرى بالتحقيق، وأدين وأقرب إلى التوفيق مما ذكرنا من الأولياء العارفين، والعلماء الشاملين أولي النور والفهم والتدقيق!! كلا بل جمدوا على الظواهر، ما فهموا استحالتها بالبرهان ألفاطع، فهم كما قال الشيخ الإمام - شيخ الاسلام شهاب الدين السهروردي: - أيها الشامد المحيط به الجهات؛ فهمك ما ينتج لك إلا الجهات، يستحيل عندك أن لا يكون الشيء إلا في مكان -، وقد كان المكان لا في مكان يعني السماوات والأرض، إذ خلقنا بعد أن لم تكونا، فما ظنك بخالقهما تبارك وتعالى؟!! ولقد بلغني أن الإمام القاضي - طاهر ابن الإمام يحيى بن أبي الخير المذكور - لما شرح الله تعالى صدره للنور أنكر على والده مذهبه، وعنفه - وهو في مكة - بالمكاتبة، ولقد تعجبت من فقهاء جبال اليمن في عقائدهم بحضرة الشيخ الفقيه الصالح عبد الله ابن الشيخ الولي الشهير ذي المقام ألفالي، ألفاكن في ذي السفال، وسألته: من أين جاءهم هذا الاعتقاد؟ فقال لي: غرهم صاحب البيان. - هكذا يقول - والله تعالى على ما أقول وكيل. وأفهمني أن اعتقاده اعتقاد الإمام الغزالي، ولم يزل فقهاء الجبال كلهم قديماً، وبعضهم حديثاً - يقدحون في الإمام حجة الاسلام، وعقيدته السنية المخالفة لعقيدة الحشوية، وما ينكر فضل الغزالي ويسيء الظن به إلا كل مخذول محروم تعيس مشؤوم. فقد قال الشيخ الكبير ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة: ألفارف بالله ذو النور القدسي أبو العباس - المعروف بالمرسي - لما ذكر الغزالي، إنا لنشهد له بالصديقية العظمى. وقال شيخه - شيخ الشيوخ في أوانه وقطبهم في زمانه - الشيخ أبو الحسن ألفاذلي قدس الله روحه: من كانت له إلى الله تعالى حاجة فليتوسل إليه بالإمام أبي حامد الغزالي. كل هذا رواه الشيخ الإمام تاج الدين عطاء الله في كتابه: لمائف المنن. وكذلك الفقيه الإمام ألفارف بالله تعالى رفع المقام الذي كثرت كراماته وعظمت، وقال للشمس يوماً: قفي، فوقفت، إلى أن وصل إلى موضعه الذي يريد من مكان بعيد: أبو الفدا اسماعيل بن محمد الحضرمي لما جاءته، فتوى من فقهاء الجبال يقولون فيها - لمبالغتهم في الطعن فيه -: هل يجوز قراءة كتب الغزالي؟ أجاب بجواب أوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، وآخره: ومحمد بن محمد بن محمد الغزالي سيد المصنفين. وفقهاء جبال اليمن مخالفون لفقهاء تهامتها، كما ذكر ابن سمرة أنه وقع في زمان

<<  <  ج: ص:  >  >>