للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك أنه كما سماني صلى الله عليه وآله وسلم في هذا المنام فقيهاً، فقد سماني في منام بعض الأولياء العارفين المنورين المكاشفين شيخاً واماماً. ومعلوم أن كل واحد من اللفظين متضمن لجواز الاتباع والاقتداء والإرشاد والاهتداء، ومن جملة الاقتداء الاتباع في الأقوال والأفعال والعقائد، وسائر الأحوال. وهذا المنام المذكور فيه كلام يطول، وسر ما فيه من المحصول ذكرته في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كتابي: الموسوم بالإرشاد، ومختصره أنه رآني على سرير في قصر في بستان، وعندي الشيخ الكبير ألفارف بالله سهل بن عبد الله، وأني أتيت بأربع خلع خضر، لبست واحدة، وخلعت ثلاثاً على ثلاثة من أصحابي، وأن إلىسول - صلى الله عليه وآله وسلم - جاء إلى ذلك البستان وسأل عني وقال: أين الشيخ فلان؟ ما جئنا إلا لزيارته، وأنه مسح بيده الكريمة على رأسي، ودعا لي، وأوصاني فقال له أصحابي: أوصنا، فقال: أوصيكم بما أوصيت به إمامكم ولم أكن إماماً لهم في الصلاة فعم بالإمامة، وفيهم الفقيه والصوفي. ثم أتى - صلى الله عليه وآله وسلم - بطبق، فيه فواكه، فأخذ منه حبة رمان، وأطعم كل من هو حاضر في ذلك البستان، ومن جملة إطعامه الفواكه لي ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه ناولني بكفيه الكريمتين مرتين من بعض الثمار، وما رأى بعض الصالحين أنه رآني آكل رطباً بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر وصف ذلك إلىطب والظرف الذي هو فيه، وحسنهما. ومن ذلك ما رأى بعض الصالحين من العالمين: وهو الفقيه الإمام المشهور بالصلاح عند الفقهاء والعوام أحمد الجبرتي - المدفون في عدن في شهر رمضان - في المنام، ومعناه إن لم يكن لفظه بعينه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مهتماً بأمر، فسأله عن اهتمامه، فقال عليه السلام: أريد أن أرى أربعة رجال في أربعة بلمان، وذكر من البلمان مكة والمدينة، وذكر للمدينة الشيخ عبد الوهاب الجبرتي وذلك في حياته رحمه الله تعالى أيام إقامته بالمدينة، وذكر لمكة ما هو مفهوم مما نحن بصدده وأستغفر الله العظيم من ذكره - ومعلوم أنه لا يولي إلا من يجوز الاقتداء به. ومن ذلك ما رأيت في المنام في بعض الأوقات المباركات في أوان التجرد والأنس في الخلوات وقد كان جماعة من أهل الخير والمشتغلين بالله تعالى لازموني في الإقامة معهم في بعض البلاد وقالوا: هو أصلح لك من الانفراد فمال ألفاطر إلى الانعزال، فذهبت عنهم سائحاً، فرأيت في المنام بعد أن قرأت سورة ألفائدة كأنه قد قرب طعام، وخصصت بشيء منه وحدي، وإلى جنبي جماعة جمعوا على طعام، فذهب أحدهم يمدح العزلة ويذم الاختلاط

فقلت له: قد ذكروا أن الخلطة أفضل لمن يسلم فيها. قال: ومن ذا الذي يسلم اليوم في الخلطة؟! ثم سمعت كأن أناساً يتجادلون في مسألة الجهة، وواحد منهم يقول: إن لم يكن جهة فليس للوجود صانع - تعالى الله عن قوله هذا - فلما كان بعد ساعة سمعت إنساناً يصرخ، وهو يعاقب ويضرب، فسألت بعض من حضر هنالك عن ذلك فقال: هو ألفائل القول المذكور في الجهة. ثم أبصرت جنداً كأنهم عسكر سلمان قد أقبلوا على خيل وحدها، ومعها هجا، وهم يلزمون الناس ويمنعونهم في اعتقادهم، ولهم هيبة عظيمة في القلوب، فخشيت أن يمسكوني، فمروا بجنبي مسرعين وقالوا: اثبت على اعتقادك، فأنت على الحق. فذهب عني ما كنت أجده من الخوف، ثم نظرت كأن بقربي بئرين وخضرة كالمزارع أو البساتين، وإذا إنسان يقول وهو يشير إلى إحدى البئرين: هذي بئر فلان، حسبت أنها أوسع وأنها أغزر ماء من الآخرى، وأشار إلي أنه أخطاء في اعتقاده. ثم انتبهت من منامي، وأفكرت فيه، ففهمت جميع إشاراته من فضيلة العزلة والتخصيص بألفائدة بعد قراءة سورة ألفائدة ومعاقبة المعتقد للجهة، وعسكر السلطان الممتحنين في العقائد والأديان، والإشارة بالثبات على الصحيح من العقيدات إلا البئرين، ونسبة أحدهما إلى الشخص المذكور، ثم بعد ساعة ذكرت أنه مخالف في اعتقاده للجمهور، وهو ابن تيمية ومذهبه في ذلك مشهور. ومن ذلك ما أخبرني السيد الكبير الشيخ الولي الشهير الشريف جلال الدين شيخ بلاد ملمان - أمتع الله بحياته، وأعاد علينا من بركاته - أنه أمر في المنام أن يقرأ على عقيدتي ويعتقدها، وغير ذلك مما يكثر ذكره مما يتعلق بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام، وبالأولياء والملائكة الكرام مما رأه لي الأولياء أهل الكرامات والهناء، وما رأيته أنا، والحمد لله الجميل الثناء على ما منح من النعم، وأزال من العناء، وجزى الله نبينا وسيدنا محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - أفضل الجزاء، وجمع بيننا وبينه وبين سائر الأحباب والمحبين في دار الكرامة والنعيم بمحض فضل الله الكريم. آمين اللهم آمين وصلاته وسلامه ورحمته وبركاته على عباده الذين اصطفى وخص من بينهم محمد المصطفى. وقد لوحت إلى شيء مما ذكرت ببعض الإشارات في ضمن هذه الأبيات، من بعض القصيدات وهي القصيدة الموسومة بنزهة الألفاب وطرفة الآداب، واستعارات المعاني الغراب، الممزوجة بحلاوة الشهد والحلاب في بيان حكم الإعراب. حيث أقول منها: فقلت له: قد ذكروا أن الخلطة أفضل لمن يسلم فيها. قال: ومن ذا الذي يسلم اليوم في الخلطة؟! ثم سمعت كأن أناساً يتجادلون في مسألة الجهة، وواحد منهم يقول: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>