وحاصروا القاهرة، وأخذوا كل ما كان خارج السور، فكاتب شاور نور الدين واستنجد به، وسود كتابه وجعل في طيه ذوائب نساء القصر. وكان نور الدين بحلب، فساق إليه أسد الدين من حمص، فجمع العساكر ثم توجه في عسكر يقال كان سبعين ألفا ما بين فارس وراجل، فتقهقرت الفرنج، ودخل القاهرة وجلس في دست الملك، وخلع عليه العاضد خلع السلطنة، وعهد إليه بوزارته، وقبض على شاور، فأرسل إليه العاضد بطلب رأس شاور، فقطعه، وأرسل به إليه.
وشاور المذكور كان قد ولاه الملك الصالح بلاد الصعيد، ثم لما مات الملك الصالح دخل القاهرة بالعساكر، وقتل الملك ولد الملك الصالح، وجلس مكانه. ثم بعد شهرين مات أسد الدين، فقلد العاضد منصبه ابن أخيه صلاح الدين يوسف ابن نجم الدين، ولقبه بالملك الناصر، ثم ثار عليه السودان، فحاربهم وظفر بهم وقتل منهم قتلاً عظيماً. وفيها توفي صاحب دمشق مجير الدين الملقب بالملك المظفر. وفيها توفي شاور مقتولاً كما ذكرنا، وقد تقدم ذكر قهره لوزير العاضد الملقب بالعادل، وقتله له وجلوسه في الوزارة مكانه. وفيها توفي شيخ المقرئين بالأندلس أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن هذيل. وكان فيه مجموع فضائل من القراءة والزهد والورع والتواضع والتقلل من الدنيا والإعراض عنها وكثرة الصيام والقيام والصدقة والتجويد والإتقان في القراءات. وفيها توفي القاضي زكي الدين أبو الحسن علي ابن القاضي أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي قاضي دمشق، استعفي عن القضاء فأعفي، وسار فحج.
وفيها توفي أبو المعالي محمد بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي الأموي العثماني، كان ذا فضائل عديدة من الفقه والأدب وغيرهما، وله النظم المليح والخطب وإلىسائل، وتولى القضاء بدمشق، وكانت له عند السلطان صلاح الدين المنزلة السنية