للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها حاصر صلاح الدين الكرك، ولم يفتتحها في هذه المرة. وفيها سار نور الدين فافتتح بهنسة وغيرها، ثم دخل الموصل، ودان له صاحب إلىوم. وفيها توفي الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي - بالشين والذال المعجمتين - ويلقب بالملك الأفضل، والد الملوك: صلاح الدين وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون، وأخو الملك أسد الدين. شب به فرسه، فحمل إلى داره ومات بعد أيام، وكان يلقب بالأجل الأفضل. وأول ما ولي نجم الدين المذكور ولاية قلعة تكريت بعد ولاية أبيه لها بتولية وإليها نائب السلطان غياث الدين مسعود السلجوقي، ثم إن النائب المذكورغضب على نجم الدين بسبب أخيه أسد الدين، وذلك أنه مرت عليه امرأة باكية، فسألها كن سبب بكأنها، فذكرت له أنه تعرض لها إنسان، فتناول أسد الدين حربة بيد ذلك الإنسان، وضربه بها فقتله، فأمسكه أخوه نجم الدين واعتقله، وكتب إلى النائب يعرفه بذلك، فوصل جوابه وهو يقول لأبيكما: علي حق، وبيني وبينه مودة مؤكدة، فما يمكنني أن أكافئكما بسيئة تصدر مني ولكني أشتهي منكما أن تخرجا من بلدي. فلما وصلهما الجواب ما أمكنهما المقام بتكريت، فخرجا منها، ووصلا إلى الموصل، فأحسن إليهما الأتابك عماد الدين زنكي، وزاد في إكرامهما والإنعام عليهما، وأقطعهما إقطاعاً جسناً، ثم لما ملك الأتابك قلعة بعلبك استخلف بها نجم الدين أيوب، وفيها بنى خانقاهاً للصوفية يقال لها النجمية - وهي منسوبة إليه - عمرها في مدة إقامته بها، وكان رجلاً مباركاً كثير الصلاح مائلاً إلى أهل الخير، حسن النية جميل الطوية، ديناً عاقلاً كريماً، وفي سيرته وما جرى له كلام طويل ذكروا في آخره أنه لما تولى ولده صلاح الدين وزارة الديار المصرية في أيام العاضد صاحب مصر من العبيديين استدعى أباه نجم الدين المذكور من الشام. - وكان في دمشق في خدمة السلطان نور الدين محمود بن زنكي - فجهزه نور الدين وأرسله إليه، فدخل القاهرة لست بقين من رجب سنة خمس وستين وخمسمائة، وخرج العاضد إلى لقائه إكراماً لولده صلاح الدين، وفعل معه من الأدب ما هو اللائق بمثله، وعرض صلاح الدين على والده المذكور أمر الوزارة كله، وجعله له فأبى

<<  <  ج: ص:  >  >>