واستعياب الأدلة النقلية وطرقها، مع إسناد كل طريق. وذكر فيه طبقات أعيان أصحابه من زمان الشيخ أبي الحسن إلى زمانه، وأوضح ماله من المناقب والمكارم والفضائل والعزائم ورد إلى من رماه وافترى عليه بالعظائم. قلت: وكتابه المذكور الذي وفق لإنشائه ووضعه، قد اختصرته أنا في نحو من ربعه وسميته: الشاش المعلم شاؤش كتاب المرهم. المعلم بشرف المفاخر العلية في مناقب الأئمة الأشعرية، ذكر هو فيه قريباً من ثمانين إماماً من أعيان الأئمة الأشعرية، ووفيته فيما اختصرته مائة من الأئمة الجلة النقية، واختصاري له بحذف الأسانيد اختصاراً على ما هو المقصود والمراد من ذكر أعيان الأئمة المشهورين بالموافقة في الاعتقاد، والرد على المبتدعين أولي الزيغ والإلحاد. وكان ابن عساكر المذكور - رضي الله عنه - حسن السيرة والسريرة. قال الحافظ الرئيس أبو المواهب: لو أر مثله، ولا من اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة منذ أربعين سنة من لزوم الصلوات في الصف الأول إلا من عذر والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع وتحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة إياها بعد ما عرضت عليه، وقلة الالتفات - أو قال -: عدم الالتفات إلى الأمراء، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المكنر، لا تأخذه في الله لومة لائم، ذكره الإمام الحافظ ابن النجار في تاريخه فقال: إمام المحدثين في وقته، ومن انتهت إليه الرئاسة في الحفظ والإتقان والمعرفة التامة والثقة، وبه ختم هذا الشأن. وقال ابنه الحافظ أبو محمد القاسم: كان أبي - رحمه الله تعالى - مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم في كل جمعة، وفي شهر رمضان في كل يوم، ويحيي ليلة النصف للعيدين، وكان كثير النوافل والإذكار، ويحاسب نفسه على كل لحظة يذهب في غير طاعة. سمع من جماعة من المحدثين كثيرين نحواً من ألف وثلاث مائة شيخ وثمانين امرأة، وحدث بأصبهان وخراسان وبغداد وغيرها من البلاد، وسمع منه جماعة من كبار الحفاظ وخلق كثير وجم غفير. وقال الحافظ عبد القاهر الرهاوي: رأيت الحافظ السلفي والحافظ أبا العلاء الهمداني والحافظ أبا موسى المدني، فما رأيت فيهم مثل ابن عساكر رحمه الله تعالى. وفيها توفي السيد الفقيه الورع الزاهد أبو بكر بن سالم بن عبد الله من جبال اليمن،