وأما آل عمران فإن كان عمران أبا موسى وهارون فإنهم اختارهما على العالمين؛ حيث أنزل على قومهما المن والسلْوى، وذلك لم يكن لأحد من الأنبياء في العالم وإن كان عمران أبا مريم فإنه اصطفى مريم بولادة عيسى من غير أب، ولك لم يكن لأحد من العالمين والله أعلم.
فصل
ذكر الحليمي في كتابه - المنهاج للأنبياء - قال: لا بد وأن يكونوا مخالفين لغيرهم في القُوَى الجسمانية، والقوى الروحانية، أما القوى الجسمانية، فهي إما مُدْرِكة، وإمَّا محرِّكة؛ أما المدركة فهي إما الحواس الظاهرة، وإما الحواس الباطنة، أما الحواس الظاهرة فهي خمسة:
أحدها: القوة الباصرة، فكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مخصوصاً بكمال هذه الصفة، لقوله:«زويت لي الأرض، فأريت مشارقها ومغاربها» وقوله: «أقيموا صفوفكم وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري» ونظير هذه القوة ما حصل لإبراهيم - عليه السلام - قال تعالى:{وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السماوات والأرض}[الأنعام: ٧٥] وذكر في تفسيرها أنه - تعالى قَوَّى بصره حتى شاهد جميع الملكوت من الأعلى والأسفل.
قال الحليمي: وهذا غير مُسْتبعَد؛ لأن البُصراء يتفاوتون، فيُرْوَى أن زرقاء اليمامةِ كانت تُبْصِر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام، فلا يبعد أن يكون بَصَرُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أقْوَى من بصرها.