هكذا سُمِعَ من العربِ تُنْشِدُهُ، يعني بِرَفْعِ «خَوْلان» ، فمع قوله:«يَحْسُن ويستقيم» كيف [يكون] طاعِناً في الرَّفْع؟ .
وقوله:«وإن قَالَ سيبويه ... » الخ فسِيبَويْه لا يقول ذَلِكَ، وكَيْفَ يَقُولُهُ، وقد رَجح الرَّفع بما أوْضَحْتُهُ.
وقوله:«لَمْ يَقْرأ بها إلَاّ عيسى» لَيْس كما زَعَمَ بل قَرَأ بها جماعةٌ كإبْراهيم بن أبي عَبْلَة.
وأيضاً فهؤلاء لم يَقْرءُوهَا من تِلْقَاءِ أنْفُسِهِم، بل نَقَلُوهَا إلى أنْ تَتّصل بالرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، غاية ما في البَابِ أنَّها لَيْسَت في شُهْرَةِ الأولى.
وعن الثاني: أنَّ سيبويه لم يَدَّعِ تَرْجيحَ النَّصْب حتى يُلْزَم بما قَاله، بل خَرَّج قراءة العامَّة على جُملتَيْن، لما ذكرت لَكَ فيما تقدَّم من دُخُول الفاءِ، ولذلك لمَّا مثَّل سيبويه جُمْلَة الأمْرِ والنَّهْي بعد الاسْمِ مثلهما عاريَتَيْن من الفَاء، قال: وذلِكَ قولك: «زَيْداً اضْربْه» و «عَمْراً امرُر به» .
[وعن] الثالث: ما تقدَّم من الحِكْمَة المُقْتَضِيَة للْمَجِيء بالفاء، وكونها رَابِطَةٌ للحكم بما قَبْلَه.
وعن الرابع: بالمنع أن يكون بَيْن الرَّفْع والنَّصب فَرْق، بأنَّ الرَّفع يَقْتَضِي العِلَّة، والنَّصْب لا يَقْتَضِيه، وذلك أنَّ الآيَة من باب التَّعْلِيل بالوَصْفِ المرتَّب عليه الحُكْم، ألا ترى أن قولك:«اقطع السَّارق» يفيد العِلَّة، [أي: إنَّه] جعل عِلَّة القَطْع اتِّصافه بالسَّرِقة، فهذا يُشْعِر بالعِلَّة مع التصريح بالنصب.
الخامس: أنهم يُقَدِّمون الأهَمَّ، حيث اخْتَلَفَتِ النِّسْبَةُ الإِسْنَادية كالفاعل مع المفعول، ولنسرد نصّ سيبويه ليتبين ما ذكرْنَاه.
قال سيبَوَيْه: فإن قدَّمْت المَفْعُول، وأخَّرْت الفاعل جرى اللَّفظ كما جَرَى في «الأوَّل» ، يعني في «ضَرَب عَبْدُ الله زَيْداً» قال: «وذلك: ضَرَبَ زيداً عبد الله لأنَّك إنَّما أردت به مُؤخَّراً ما أرَدْت به مُقَدَّماً، ولم تُرِدْ أن يَشْتَغِل الفِعْل بأوَّل منه، وإن كان مُؤخَّراً في اللَّفْظ، فمن ثَمَّ كان حَدُّ اللَّفْظِ أن يكون فيه مُقَدَّماً، وهو عربي جيد كثير، لأنهم يُقَدِّمُون الذي بَيَانُه أهَمُّ لهم، وهم ببيانهِ أعْنَى، وإن كانا جَمِيعاً يُهِمَّانِهم ويعنيانهم» . والآيَةُ الكَريمَةُ لَيْسَت من ذلك.
قوله:«أيْدِيهمَا» جمع واقعٌ موقِع التَّثْنِية: لأمْن اللَّبْس، لأنَّهُ معلُوم أنَّه يقطع من كل