وقرأ ابن مَسْعُودٍ في رواية عَلْقمَةَ أيضاً:«وعُبَّدَ الطَّاغُوتَ» بضمِّ العين، وبشد الباء مفتوحة، وفتح الدال، ونصب «الطَّاغُوت» ؛ وخرَّجها ابن عطية على أنها جمعُ عَابِدٍ؛ كضُرَّبٍ في جمع ضارِبٍ، وحَذَف التنوين من «عُبَّداً» ؛ لالتقاء الساكنين؛ كقوله:[الطويل]
قال:«وقد تقدَّمَ نَظِيرُهُ» ، يعني قراءةَ:«وَعَبْدَ الطَّاغُوتَ» بفتح العين والدال، وسكونِ الباءِ، ونصبِ التاء، وكان ذَكَر لها تخريجَيْن، أحدُهما هذا، والآخرُ لا يمكنُ، وهو تسكينُ عين الماضي، وقرأ بُرَيدة الأسلَمِيُّ فيما نقلَه عنه ابنُ جريرٍ «وعَابِدَ الشَّيْطَان» بنصب «عَابِدَ» وجَرِّ «الشَّيْطَانِ» بدلَ الطَّاغُوتِ، وهو تفسيرٌ، لا قراءةٌ، وقرأ أبو واقدٍ الأعْرَابِيُّ:«وعُبَّادَ» بضمِّ العين وتشديد الباءِ بعدها ألف ونصبِ الدال، والطَّاغُوتِ بالجرِّ، وهي جمعُ عابدٍ؛ كضُرَّابٍ في ضاربٍ.
وقرأ بعضُ البصْريِّين:«وعِبَادَ الطَّاغُوتِ» بكسر العين، وبعد الباء المخفَّفة ألف، ونصْبِ الدال، وجَرِّ «الطَّاغُوتِ» ، وفيها قولان:
أحدهما: أنه جمعُ عابدٍ؛ كقَائِمٍ وقيَامٍ، وصَائِمٍ وصيَامٍ.
والثاني: أنها جمعُ عَبْد؛ وأنشد سيبَوَيْهِ:[الوافر]
قال ابن عطية:«وقد يجوزُ أن يكونَ جَمْعَ» عَبْدٍ «، وقلَّما يأتي» عِبَاد «مضافاً إلى غير الله تعالى، وأنْشَد سيوَيْهِ:» أتُوعِدُنِي «البيتَ، قال أبو الفتْحِ: يريد عبادَ آدم - عليه السلام - ولو أراد عِبَاد [الله] فليس ذلك بشَيْءٍ يُسَبُّ به أحدٌ، فالخَلْقُ كُلُّهُمْ عِبَادُ الله» قال ابن عطيَّة: «وهذا التعليقُ بآدَمَ شاذٌ بعيدٌ، والاعتراضُ باقٍ، وليس هذا مِمَّا تَخَيَّلَ الشاعرُ قَصْدَهُ، وإنما أرادَ العَبِيدَ، فساقَتْه القافيةُ إلى العِبَادِ؛ إذ قد يُقَالُ لِمَنْ يملكه مِلْكاً مَّا، وقد ذكر أن عربَ الحِيرةِ سُمُّوا عِبَاداً؛ لدخولهم في طاعةِ كِسْرَى، فدانَتْهم مملكتُه» ، قال شهاب الدين: قد اشْتَهَرَ في ألسنةِ الناسِ أن «عَبْداً» المضافَ إلى الله تعالى يُجْمَعُ على «عِبَاد» وإلى غيره على «عَبِيد» ، وهذا هو الغالبُ، وعليه بَنَى أبو محمَّد.
وقرأ عَوْنٌ العقيليُّ في رواية العبَّاس بْنِ الفَضْل عنه:«وعَابِدُ الطَّاغُوتِ» بضمِّ الدالِ،