الخامس: أنه فاعلٌ سَدَّ مسدَّ الخبر، وأنَّ في «إذَا» وجهين: إمَّا النَّصْبَ على الظرفيَّة، وإمَّا الرفع على الخَبَرِيَّة ل «شَهَادَةُ» ، وكل هذا بَيِّنٌ مما لَخَّصْتُه قبلُ، وقراءةُ الحسن برفعها منونةً تتوجه بما تقدَّم في قراءة الجُمْهور من غير فَرْقٍ.
وأمَّا قراءةُ النصبِ، ففيها ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها - وإليه ذهب ابن جنِّي -: أنها منصوبةٌ بفعل مضمرٍ، و «اثْنَان» مرفوعٌ بذلك الفعل، والتقدير: ليُقِمْ شهادةَ بَيْنكُمُ اثْنَانِ، وتبعه الزمخشريُّ. وقد ردَّ أبو حيان هذا؛ بأن حذف الفعل وإبقاء فاعله، لم يُجِزْهُ النحويون، إلا أن يُشْعِرَ به ما قبله؛ كقوله تعالى:{يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ}[النور: ٣٦ - ٣٧] في قراءة ابن عامر وأبي بَكْرٍ، أي: يُسَبِّحُهُ رجال؛ ومثله:[الطويل]
أي: بَلْ عراه أعظمُ الوجْدِ، وما نحْنُ فيه ليس من الأشياء الثلاثة.
الثاني: أن «شَهَادَةً» بدل من اللفظ بفعل، أي: إنها مصدر ناب مناب الفعلِ، فيعملُ عملَه، والتقدير: لِيَشْهد اثْنَانِ، ف «اثْنَانِ» فاعل بالمصدر، لنيابته منابَ الفعلِ، أو بذلك الفعلِ المحذوفِ، على حسبِ الخلاف في أصل المسألة، وإنما قدَّرْتُه «لِيَشْهَدِ اثْنَانِ» ، فأتيتُ به فعلاً مضارعاً مقروناً بلام الأمر، ولم أقدِّرْهُ فِعْلَ أمر بصيغة «افْعَلْ» ؛ كما يُقَدِّرُه النحويُّون في نحو:«ضَرْباً زَيْداً» ، أي:«اضْرِبْ» لأنَّ هذا قد رفع ظاهراً وهو «اثنانِ» ، وصيغةُ «افْعَلْ» لا ترفع إلا ضميراً مستتراً إن كان المأمور واحداً؛ ومثلُه قوله:[الطويل]