للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ» ، قدَّره مُسْنِداً ل «الأوْلَيَانِ» ، وكان لَمَّا ذكر القائمَ مقامَ الفاعلِ، لم يذكر إلا ضميرَ الإثم و «الأوْلَيَانِ» ، وأجاز بعضهم أنْ يُسْنَدَ «اسْتُحِقَّ» إلى ضمير المالِ، أي: اسْتُحِقَّ عليْهِمُ المالُ المَوْرُوثُ، وهو قريبٌ.

فقد تقرَّر أنَّ في مرفوعِ «اسْتُحِقَّ» خمسة أوجه:

أحدُها: «الأوْلَيَانِ» .

والثاني: ضميرُ الإيصاء.

والثالث: ضميرُ الوصية، وهو في المعنى كالذي قبله وتقدَّم إشكالُه.

والرابع: أنه ضميرُ الإثْمِ.

والخامس: أنه ضميرُ المالِ، ولم أرَهُمْ أجازوا أن يكون «عَلَيْهِم» هو القائمَ مقامَ الفاعلِ؛ نحو: {غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم} [الفاتحة: ٧] كأنهم لم يَرَوْا فيه فائدةً.

وأمَّا قراءةُ حَفْص ف «الأوْلَيَانِ» مرفوعٌ ب «اسْتَحَقَّ» ومفعولُه محذوفٌ، قدَّره بعضهم «وصِيَّتَهُمَا» ، وقدَّره الزمخشريُّ ب «أن يجرِّدُوهُمَا للقيامِ بالشَّهَادة» ؛ فإنه قال: «معناهُ من الورثةِ الذين استَحَقَّ عليْهِمُ الأوْلَيَانِ من بينهم بالشهادة: أن يجرِّدُوهُمَا للقيامِ بالشَّهَادة، ويُظْهِرُوا بها كذب الكاذبينَ» ، وقال ابنُ عطيَّة: «الأوْلَيَانِ» رفعٌ ب «اسْتَحَقَّ» ، وذلك أن يكون المعنى: مِنَ الَّذِينَ استحَقَّ عليْهِمْ مالَهُمْ وتركَتَهُمْ شَاهِدَا الزُّورِ، فَسُمِّيَا أوْلَيَيْنِ، أي: صَيَّرَهُمَا عَدَمُ الناس أوْلَيَيْنِ بالمَيِّت وتَرِكَتِهِ، فَخَانَا، وجَارَا فيها، أو يكونُ المعنى: من الذينَ حَقَّ عليهم أنْ يكون الأوليانِ منهم، فاستَحَقَّ بمعنى: حَقَّ، كاسْتَعْجَبَ وعَجِبَ، أو يكون استحقَّ بمعنى: سَعَى واستوجب، فالمعنى: من القوم الذين حَضَرَ أوْلَيَانِ مِنْهُمْ، فاستَحَقَّا عليهم، أي: استحقَّا لهُمْ وسعيا فيه، واستوجََبَاهُ بأيْمَانِهِمَا وقُرْبَانِهِمَا «، قال أبو حيان - بعد أنْ حكَى عن الزمخشريِّ، وأبي محمَّدٍ ما قدَّمْتُه عنهما -:» وقال بعضُهم: المفعولُ محذوفٌ، تقديرُه: الذين استحقَّ عليهمُ الأوليانِ وصيَّتَهُمَا «، قال شهاب الدين: وكذا هو محذوفٌ أيضاً في قولي الزمخشريِّ وابن عطيَّة، وقد بَيِّنْتُهما ما هما، فهو عند الزمخشريِّ قوله:» أنْ يُجَرِّدُوهما للقيامِ بالشَّهادة «، وعند ابن عطيَّة هو قوله:» مالَهُمْ وتَركَتَهُمْ «، فقوله:» وقال بعضهم: المفعولُ محذوفٌ «يُوهِمُ أنه لم يَدْرِ أنَّه محذوفٌ فيما تقدَّم أيضاً، وممن ذهبَ إلى أن» اسْتَحَقَّ «بمعنى» حَقَّ «المجرَّدِ - الواحديُّ فإنه قال:» واسْتَحَقَّ هنا بمعنى حَقَّ، أي: وَجَبَ، والمعنى: فآخَرَانِ مِنَ الذين وجب عليهمُ الإيصَاءُ بتوصيتِهِ بينهم، وهم وَرَثَتُه «وهذا التفسيرُ الذي ذكره الواحديُّ أوضحُ من المعنى الذي ذكره أبو محمَّد على هذا الوجه، وهو ظاهرٌ.

وأمَّا قراءةُ حمزة وأبي بَكْرٍ، فمرفوع» استُحِقَّ «ضميرُ الإيصَاءِ، أو الوصيةِ، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>