يَلْتَبِس «فَعِيل» ب «فَعْل» فزادوا ياء على الياءِ ليكمل بها بِنَاء الحَرْفِ، ويقعُ فيها قَرْقٌ بين «فَعِيل» و «فَعْل» .
والذين خَفًّفُوا اليَاءَ قالوا:«أمِن الَّبس؛ لأنَّه قد عُرِفَ أصْلُ هذا الحرفِ، فالثِّقَةُ بمعْرِفته مَانِعَةٌ من الَّبْسِ» .
وقال البصريون [وزنه من الفِعْل «فَيْعِل» ، فأدْغِمَت الياءُ في الَّتِي بَعْدَهَأ، فَشْدِّدَ ثم جَاءَ التَّخْفِيفُ، قال: وقد ردَّ الفَرَّاءُ وأصْحَابَهُ هذا على الَبصْريِّين] وقالوا: «لا يُعْرَفُ في كلام العربِ اسمٌ على وَزن» فَيْعِل «يَعْنُون: بكسر العيْنِ، إنما يُعْرَف» فَيْعَل «يعنون: بفتحها، نحو:» صَيْقَل «و» هَيْكَل «فمتى ادّعَى مُدَّع في اسْم مُعْتَل ما لا يُعْرَفُ في السَّالِم، كانت دَعْوَاهُ مردُودَةً» وقد تقدَّم تحْرِيرُ هذه الأقوال عِنْد قوله - تبارك وتعالى -: {أَوْ كَصَيِّبٍ}[البقرة: ١٩] فليُراجَعْ ثَمًّةَ.
وإذا قُلْنَا: إنَّهُ مُخَفًّفٌ من المشدَّدِ؛ فهل المَحْذُوفُ اليَاء الأولى أو الثَّانِيَة «خِلافٌ مرَّت له نَظَائِرُهُ.
وإذا كانت» يَجْعَل «بمعنى: يَخْلُق، فيكون» ضَيِّقاً «حالاً، وإن كانَتْ يمعنى» سَمًّى «، كانَتْ مفعُولاً ثانياً، والكلام عليه بالنًّسْبَة إلى التَّشْدِيد والتَّخْفِيف، وتقدير المَعَانِي كالكلام عليه أوّلاً.
و» حَرَجاً «حَرِجاً» بفتح الرَّاء وكَسْرها: هو المُتزايد في الضِّيق، فهُو أخَصُّ من الأوَّل، فكل حَرَج من غير عَكْس، وعلى هَذَا فالمَفْتُوح والمكْسُور بمَعْنَى واحد، يقال «رَجُل حَرِجٌ وحَرَحٌ» قال الشَّاعر: [الرجز]
٢٣٠٧ - لا حَرِجُ الصِّدْرِ ولا عَنِيفُ ... قال الفراء - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هو في كَسْرِه ونَصْبِه بمَنْزِلَة «الوَحَد» و «الوحِد» ، و «الفَرَد» و «الفَرِد» و «الدَّنِف» و «الدَّنِف» .
قال الزَّجَّاج:«الحَرَجُ أضْيَقُ الضِّيقِ، فَمَنْ قال: رَجُلٌ حَرَجٌ - يعني بالفَتْح - فمعناه: ذُو حَرَجٍ في صَدْرِهِ، ومن قال حِرِجٌ - يعني بالكَسْر - جعله فَاعِلاً، وكذلك دْنف ودَنف» .
وقال الفارسي:«مَنْ فتح الرَّاء، كان وصْفاً بالمصدر، نحو: قَمَنْ وحَرَى ودنَف، ونحو ذلك من المصادرِ التي يُوصَفُ بها، ولا تكُون» كَبَطَل «لأن اسْم الفاعل في الأمْر العَام إنَّما على فَعِل» .