للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومن قرأ «حِرجاً» - يعني بكسْر الرَّاء - فهو مثل «دَنِف وفَرِق بكَسْر العَيْن» .

وقيل: «الحَرَجُ بالفَتْح جمع حَرَجَة؛ كقَصَبَ وقَصَب، والمكْسُور صِفَة؛ كذَنِف وأصل المادَّة من التَّشَابُك وشِدَّة التَّضَايُقِ، فإنَّ الحَرَجة غَيْضَة من شَجَر السَّلَم ملتفة لا يَقْدِرُ أحَدٌ أن يَصِل إليها.

قال العجَّاج: [الزجر]

٢٣٠٨ - عَايَنَ حَيَّا كَالحِرَاجِ نَعَمُهْ ... الحِراج: جَمْع حِرْج، وحِرْج جَمْع حَرَجَة، ومن غَريب ما يُحكَى: أن ابْن عَبَّاس قرأ هذه الآية، فقال: هل هُنَا أحَدٌ من بَنِي بَكْرِ؟ فقال رَجُلٌ: نعم، قال: ما الحَرَجَة فِيكُم؟ قال: الوَادِي الكَثِير الشًّجَر المسْتَمْسِكُ؛ الذي لا طريقَ فيه. فقال ابن عبَّاس:» فَهَكَذَا قَلْبُ الكَافِرِ «هذه رواية عُبَيْج بن عُمَيْر. وقد حَكَى أبو الصَّلْت الثَّقْفِي هَذِهِ الحكَايَة بأطْوَال مِنْ هذا، عن عُمَر بن الخطابِ، فقال: قرأ عُمِر بن الخطَّابِ هذه الآية فقال:» ابْغُونِي رَجُلاً من بَنِي كِنَانَة، واجْعَلُوه راعِياً «فأتوهُ به، فقال لَهُ عُمر:» يا فتى ما الحَرََةُ فِيكُم «؟ قال:» الحَرَجَةُ فِينَا الشًّجَرةُ تُحْدِقُ بها الأشْجَارٌ فلا تَصِلُ إليها رَاعِيةٌ ولا وَحْشيَّةٌ «. فقال عُمَر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -:» وكذلك قُلْبُ الكافر لا يَصِلُ إلهي شيءٌ من الخَيْرِ «.

وبعضهُم يحْكِي هذه الكاية عن عُمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - كالمُنْتَصِر لمن قَرأ بالكَسْرِ قال: قرَأهَا بَعْضُ أصْحَاب عُمَر له بالكَسْر، فقال:» ابْغُوني رجلاً من كِنَانَة رَاعِياً، وليَكُون من بني مُدْلج «. فأتوه به، فقال:» يا فَتَى، ما الحَرَجَةُ تكُون عِنْدكُم «؟ فقال:» شَجَرَةٌ تكُون بيْن الأشْجَار لا يَصِلُ إلَيْهَا رَاعِيَة ولا وَحِشِيَّة «. فقال: كذلِك قَلْبُ الكَافِر، ولا يَصلُ إليه شيءٌ [من الخَيْرِ] .

قال أبو حيَّان:» وهذا تَنْبِيه - والله أعلم - على اشْتِقَاقِ الفِعْل من اسْم العَيْن «كاسْتَنْوقَ واستَحَجَر» .

قال شهاب الدين: لَيْس هذا من بابِ اسْتَنْوَقَ واسْتَحْجَرَ في شَيْءٍ؛ لأن هذا مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>