للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ونُقل عن سيبويه أنَّه قال: الثانيةُ بدلٌ من الأولى. وهذا لا يصحُّ عن سيبويه، فإنَّه ضعيفٌ، أو ممتنع، وقد ضعفه أبو البقاءِ بوجهين:

أحدهما: أنَّ الفاء تمانعُ من ذلك والحكمُ بزيادتها ضعيفٌ.

والثاني: أنَّ جعلها بدلاً يوجب سقوط جواب «مَنْ» من الكلام. وقال ابنُ عطية «وهذا يُعترضُ بأنَّ الشَّيء لا يبدل منه حتى يستوفى، والأولى في هذا الموضع لم يأتِ خبرها بعد، إذ لم يأتِ جوابُ الشَّرط، وتلك الجملةُ هي الخبرُ، وأيضاً فإنَّ الفاء تُمانعُ البدل، فهي معنى آخر غير ابلدل فيقلقُ البدل» .

وقال بعضهم: فتحت على تقدير اللام، أي: فلأنَّ لهُ نار جهنم. وهذه كلُّها تكلُّفاتٌ، لا يحتاج إليها.

فالأولى ما تقدم ذكره، وهو أن يكون «أنَّ لهُ نارَ جهنَّمَ» في محل رفع بالابتداء والخبر محذوفٌ، وينبغي أن يقدِّرَهُ متقدماً عليها، كما فعل الزمخشريُّ، وغيرُه، أي: فحقٌّ أنَّ لهُ نار جهنَّم. وقدَّرهُ غيره متأخراً، أي: فأنَّ له نار جهنَّمَ واجبٌ، كذا قدَّره الأخفش وردُّوه عليه بأنَّها لا يبتدأ بها.

وهذا لا يلزمه، فإنَّه يجيز الابتداء ب «أنَّ» المفتوحةِ من غير تقديم خبره. وغيره لا يجيز الابتداء بها إلَاّ بشرطِ تقدُّم «أمَّا» ، نحو: أمَّا أنك ذاهبٌ فعندي، أو بشرط تقدُّم الخبر، نحو: عندي أنَّك منطلق. وقيل: «فأنَّ لهُ» خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: فالواجبُ أنَّ لهُ، وهذه الجملةُ التي بعد الفاء مع الفاءِ في محلِّ جزم، جواباً للشَّرط. وقرأ أبو عمرو فيما رواه أبو عبيدة، والحسن، وابن أبي عبلة: «فإنَّ» بالكسر وهي قراءةٌ حسنةٌ قوية، تقدَّم أنَّهُ قرأ بها بعضُ السبعة في الأنعام، وتقدَّم هناك توجيهها.

والمحادّة: المخالفةُ، والمعاندةُ، ومجاوزةُ الحدِّ، والمعاداة. قيل: مشتقةٌ من الحد وهو حدُّ السِّلاح الذي يحاربُ به من الحديد. وقيل: من الحد الذي هو الجهةُ كأنه في حدِّ غير حدِّ صاحبه كقولهم: شاقَّه، أي: كان في شقٍّ غير شقِّ صاحبه وعاداه، أي: كان في عدوة غير عدوته. قال ابن عباس: معناه: يخالف الله وقيل: يحارب الله، وقيل: يعاند الله، وقيل: يعادي الله.

واختار بعضهم قراءة الكسر، بأنَّها لا تحوج إلى إضمار، ولم يُرْوَ قوله: [الوافر]

٢٨٠٨ - فَمَنْ يَكُ سَائِلاً عَنِّي فإنِّي ... وجِرْوةَ لا تُعارُ ولا تُبَاعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>