وهذا غيرُ لازمٍ، فإنَّه جاء على أحد الجائزين، و «خَالِداً» نصبٌ على الحال.
قال الزجاج:«ويجوز كسر» أنّ «على الاستئناف بعد الفاءِ» . وجهنم: من أسماء النار وحكى أهل اللغة عن العربِ: أنَّ البئر البعيدة القعر تسمى الجهنام، فيجوزُ أن تكون مأخوذة من هذا اللفظ، ومعنى بعد قعرها أنَّه لا آخر لعذابها، وتقدم معنى الخلود، والخزي: قد يكون بمعنى النَّدم، وبمعنى الاستحياء، والمراد به ههنا: النَّدم، لقوله:{وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب}[يونس: ٥٤] .
قوله تعالى:{يَحْذَرُ المنافقون} الآية.
قال قتادة «هذه السُّورة كانت تُسمَّى الفاضحة، والحافرة، والمبعثرة، والمثيرة، أثارت مخازيهم ومثالبهم» قال ابن عباسٍ: «أنزل اللهُ تعالى ذكر سبعين رجلاً من المنافقين بأسمائهم، وأسماء آبائهم، ثم نسخ ذكر الأسماء رحمة على المؤمنين، لئلَاّ يُعيّر بعضهم بعضاً؛ لأن أولادهم كانوا مؤمنين» .
وقال الجبائيُّ:
«اجتمع اثنا عشر رجلاً من المنافقين على النِّفاقِ، وأخبر جبريل الرسول بأسمائهم، فقال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:» إنَّ أناساً اجتمعُوا على كَيْت وكَيْت، فليقُومُوا وليعتَرِفُوا وليسْتغفِرُوا ربَّهم حتَّى أشفع لهُمْ «فلم يقوموا، فقال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ بعد ذلك» قُمْ يا فلانُ ويا فلانُ «حتى أتى عليهم ثم قالوا: نعترف ونستغفر فقال:» الآن أنَا كُنْتُ في أوَّل الأمْرِ أطيب نَفْساً بالشَّفَاعةِ، والله كانَ أسْرعَ في الإجابةِ، اخرُجُوا عنِّي «فلم يزلْ يقول حتى خرجوا بالكليَّةِ.»
وقال الأصمُّ: إنَّ «عند رجوع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من تبوك وقف له على العقبة اثنا عشر رجلاً ليفتكوا به؛ فأخبره جبريل، وكانوا متلثمين في ليلة مظلمة، وأمره أن يرسل إليهم من يضرب وجوه رواحلهم، فأمر حذيفة بذلك فضربها حتى نحاهم ثم قال:» مَنْ عرفت من القوْمِ «؟ فقال: لم أعرف منهم أحداً، فذكر النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ أسماءهم وعدهم له، وقال:» إنَّ جبريل أخبرني بذلك «فقال حذيفة: ألا تَبْعَثُ إليه فتقتلهم، فقال:» أكره أن تقول العرب قاتل أصحابه حتَّى إذا ظفر صار يقتلهم، بل يَكْفِينَاهُمُ اللهُ بالدبيلة «.