للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رؤية القلب التي بمعنى العلم؛ لأنَّها داخلةٌ على الجملة من الاستفهام التي معناها: التقرير، وجواب الشرط محذوفٌ، وتقدير الكلام: أرأيتم ما يستعجل من العذاب المجرمون، إن أتاكم عذابه» انتهى. فهذا ظاهرٌ في أنَّ «أرأيتم» غير مضمنةٍ معنى الإخبار، وأنَّ الجملة الاستفهاميَّة سدَّت مسدَّ المفعولين، ولكنَّ المشهور الأول. قوله: «مَاذَا يَسْتَعجلُ» قد تقدَّم الكلامُ على هذه الكلمة، ومذاهب النَّاس فيها [البقرة: ٢٦] ، وجوَّز بعضهم هنا أن تكون «ما» مبتدأ، و «ذا» خبره، وهو موصولٌ بمعنى: «الَّذي» ، و «يَسْتَعْجِل» صلته، وعائده محذوفٌ تقديره: أيُّ شيء الذي يستعجله منه، أي: من العذاب، أو من الله - تعالى -.

وجوَّز مكي، وغيره: أن يكون «مَاذَا» كلُّه مبتدأ، أي: يجعل الاسمان بمنزلةِ اسمٍ واحدٍ، والجملة بعده خبر، قال أبو عليٍّ: «وهو ضعيفٌ: لخلوِّ الجملة من ضمير يعُود على المبتدأ» .

وقد أجاب أبو البقاء عن هذا، فقال: «ورُدَّ هذا القول بأنَّ الهاء في» مِنْهُ «تعودُ على المبتدأ؛ كقولك: زيدٌ أخذتُ منه درهماً» .

قال شهاب الدِّين: «ومثلُ أبي علي لا يخفى عليه مثل ذلك، إلَاّ أنَّه لا يرى عود الهاء على الموصول؛ لأنَّ الظاهر عودها على العذاب» .

قال أبو حيَّان: «والظَّاهرُ عودُ الضمير في» مِنْه «على العذاب، وبه يحصل الرَّبْطُ لجملة الاستفهام بمعفول» أرأيتم «المحذوف الذي هو مبتدأ في الأصل» .

وقال مكي: «وإن شئت جعلت» ما «، و» ذا «بمنزلة اسمٍ واحدٍ في موضع رفع بالابتداء، والجملة التي بعدهُ الخبر، والهاءُ في» منهُ «تعود أيضاً على العذاب» .

قال شهابُ الدِّين: «فقد ترك المبتدأ بلا رابطٍ لفظي، حيث جعل الهاءَ عائدةً على غير المبتدأ، فيكون العائدُ عنده محذوفاً، لكنَّه قال بعد ذلك:» فإن جعلت الهاء في «منهُ» تعود على الله - جلَّ ذكره -، و «ما» و «ذا» اسماً واحداً، كانت «ما» في موضع نصبٍ ب «يستعجل» والمعنى: أيَّ شيء يستعجلُ المجرمون من الله «فقوله هذا يؤذن بأنَّ الضمير لمَّا عاد على غير المبتدأ، جعله مفعولاً مقدماً، وهذا الوجه بعينه جائزٌ فيما إذا جعل الضمير عائداً على العذاب.

ووجه الرَّفع على الابتداء جائزٌ، فيما إذا جعل الضمير عائداً على الله - تعالى -، إذ العائدُ الرَّابطُ مقدرٌ، كما تقدم التنبيهُ عليه «.

حاصل الجواب: أن يقال لأولئك الكفار الذين يطلبون نزول العذاب: بتقدير أن يحصل هذا المطلوبُ، ما الفائدة لكم فيه؟ فإن قلتم نؤمن عنده، فذلك باطل؛ لأنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>