الثاني: أنه عائد على النِّسب، أي: ذي عصوف، كلابن وتامر.
الثالث: أنه خفض على الجوار، أي: كان الأصل أن يتبع العاصف الريح في الإعراب، فيقال: اشتدت الريحُ العاصفة في يومٍ، فلمَّا وقع بعد اليوم أعرب بإعرابه، كقولهم:» جُحْرُ ضَبٍّ خربٍ «.
وفي جعل هذا من باب الفخض على الجوار نظر؛ لأنَّ من شرطه أني يكون بحيث لو جعل صفة لما قطع عن إعرابه ليصحَّ كمثال المذكور، وهنا لو جعلت صفة للريح لم يصحَّ لتخالفها تعريفاً، وتنكيراً في هذا [التركيب] الخاص.
وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق: [» يَوْمٍ عَاصفٍ «] وهني على حذف الموصوف، اي: في يوم ريح عاصف، فحذف لفهم المعنى الدال على ذلك.
ويجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف إلى صفته عند من يرى ذلك نحو:» البَقْلةُ الحَمْقَاء «. ويقال: ريحٌ عاصفٌ ومُعْصِفٌ، وأصله من العصف، وهو ما يكبر من الزرع، فقيل ذلك للريح الشديد؛ لأنَّها تعصف، أي: تسكر ما تمرُّ به
قوله:» لَا يَقدِرُونَ «مستأنف، ويضعف أن يكون صفة ب» يَوْمٍ: على حذف العائدِ أي: لا يقدرون فيه، و «ممَّا كَسبُوا» متعلق بمحذوف لأنه حالٌ من «شَيءٍ» إذ لو تأخر لكان صفة، والتقدير: على شيء مما كسبوا.
فصل
وجه المشابهة بين هذا المثل وبين أعمالهم: هو أنَّ الريح العاصفة تُطير الرماد وتفرق أجزاءه بحيث لا يبقى لذلك الرماد أثر، فكذا كفرهم يبطل أعمالهم ويحبطها بحيث لا يبقى من أعمالهم معه أثرٌ. واختلفوا ف يالمراد بتلك الأعمال، فقيل: ما علموه من أعمال البرِّ كالصدقة، وصلة الرحم، وبر الواليدن، وإطعام الجائع، فتبطل وتحبط بسبب كفرهم بالله، ولولا كفرهم لانتفعوا بها.
وقيل: المراد بتلك الأعمال عبادتهم الأصنام، وكفرهم الذي اعتقدوه إيماناً وطريقاً لخلاصهم، وأتبعوا أبدانهم دهراً طويلاً لينتفعوا بها، فصارت وبالاً عليهم.
وقيل: المراد من أعمالهم كلا القسمين؛ لأن أعمالهم التي كانت في أنفسها خبرات قد بطلت، والأعمال التي اعتقدوها خيراً، وأفنوا فيها أعمالهم بطلت أيضاً، وصارت في