والفائدة في هذا التكرير اختلاف الحالين، وهما:
خُرورهُمْ في حال كونهم باكين، في حال استماع القرآن، ويدلُّ عليه قوله: {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} .
وجاءت الحال الأولى اسماً؛ لدلالته على الاستقرار، والثانية فعلاً؛ لدلالته على التجدُّد والحدوث.
ويجوز أن يكون القول دلالة على تكرير الفعل منهم.
وقوله: «يَبْكُونَ» ، معناه: الحال، {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} ، أي: تواضعاً.
قوله: {وَيَزِيدُهُمْ} : فاعل «يزيدُ» : إمَّا القرآن، أو البكاءُ، أو السُّجودُ، أو المتلوُّ، لدلالة قوله: «إذَا يُتْلَى» .
قوله تعالى: {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن} الآية.
قال ابن عباس: سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بمكَّة ذات ليلة، فجعل يبكي، ويقول في سجوده: (يا الله، يا رحمن) . فقال أبو جهلٍ: إنَّ محمداً ينهانا عن آلهتنا، وهو يدعو إلهين، فأنزل الله هذه الآية، ومعناه: أنَّهما اسمان لواحدٍ، [أي:] أيَّ هذين الاسمين سميتم، فله الأسماءُ الحسنى.
قوله: {أَيّاً مَّا تَدْعُواْ} : [ «أيًّ» ] منصوب [ب «تَدْعُوا» ] على المفعول به، والمضاف إليه محذوف، أي: أيَّ الاسمين، و «تَدْعُوا» مجزوم بها، فهي عاملة معمولة، وكذلك الفعل، والجواب الجملة الاسمية من قوله «فلهُ الأسْماءُ الحُسنَى» . وقيل: هو محذوفٌ، تقديره: جاز، ثم استأنف، فقال: فله الأسماء الحسنى، وليس بشيءٍ.
والتنوين في «أيًّا» عوض من المضاف إليه، وفي «ما» قولان:
أحدهما: أنها مزيدة للتأكيد.
والثاني: أنها شرطية جمع بينهما؛ تأكيداً كما جمع بين حرفي الجر؛ للتأكيد، وحسَّنه اختلافُ اللفظ؛ كثوله: [الطويل]
٣٤٨٠ - فأصْبَحْنَ لا يَسْألنَنِي ... عن بِمَا بِهِ ... ... ... ... . .
ويؤيِّد هذا ما قرأ به طلحة بن مصرِّفٍ «أيًّا من تدعُوا» فقيل: «مَنْ» تحتمل الزيادة على رأي الكسائيِّ؛ كقوله: [الكامل]
٣٤٨١ - يَا شَاةَ من قَنصٍ لمَنْ حَلَّتْ لهُ..... ... ... ... ... .