واحتمل أن تكون شرطية، وجمع بينهما؛ تأكيداً لما تقدَّم، و «تَدعُوا» هنا يحتمل أن يكون من الدعاء، وهو النداءُ، فيتعدَّى لواحدٍ، وأن يكون بمعنى التسمية، فيتعدَّى لاثنين، إلى الأول بنفسه، وإلى الثاني بحرف الجرِّ، ثم يتسع في الجارِّ فيحذف؛ كثوله:[الطويل]
والتقدير: قل: ادعُوا معبودكم بالله، أو بالرَّحمن، بأيِّ الاسمين سمَّيتموه، وممَّن ذهب غلى كونها بمعنى «سمَّى» الزمخشريز
ووقف الأخوان على طأيًّا «بإبدال التنوين ألفاً، ولم يقفا على» مَا «؛ تبييناً لانفصال» أيًّا «من» مَا «، ووقف غيرهما على» مَا «؛ لامتزاجها ب» أيّ «؛ ولهذا فصل بها بين» أي «، وبين ما أضيفت إليه في قوله تعالى {أَيَّمَا الأجلين}[القصص: ٢٨] ، وقيل:» ما «شرطية عند من وقف على» ايًّا «، وجعل المعنى: أي الاسمين دعوتموه به، جاز، ثم استأنف» مَا تدعوا، فله الأسماء الحسنى «، يعني أنَّ» ما «شرطٌ ثانٍ، و» فَلهُ الأسماءُ «جوابه، وجواب الأول مقدر، وهذا مردودٌ بأنَّ» ما «لا تطلق على آحاد أولي العلم، وبأنَّ الشرط يقتضي عموماً، ولا يصحُّ هنا، وبأن فيه حذف الشرط والجزاء معاً.
فصل
والمعنى: أيًّا ما تدعوا، فهو حسنٌ؛ لأنه إذا حسنت أسماؤه، فقد حسن هذان الاسمان؛ لأنهما منها، ومعنى حسن أسماء الله كونها مفيدة لمعاني التَّمجيد والتَّقديس.
واحتجَّ الجبائي بهذه الآية، فقال: لو كان تعالى خالقاً للظُّلم، والجور، لصحَّ أن يقال: يا ظالمُ، حينئذٍ: يبطل ما ثبت بهذه الآية من كون أسمائه بأسرها حسنة.
والجواب: أنَّا لا نسلِّم أنه لو كان خالقاً لأفعال العباد، لصحَّ وصفه بأنَّه ظالمٌ، وجائرٌ، كما لا يلزم من كونه خالقاً للحركة والسكون، والسواد، والبياض أن يقال: ما متحرك، ويا ساكن، ويا أبيض، ويا أسود.
فإن قيل: فيلزم أن يقال: يا خالق الظُّلم والجور.
تقولون: ذلك حقٌّ في نفس الأمر، وإنَّما الأدب أن يقال: يا خالق السَّموات والأرض، فكذا قولنا ها هنا.
ثمَّ قال تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} .