للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

و «لَعَل» هنا على بابها. وقيل: للتعليل. ويؤيده قراءة عبد الله: «كَيْ تَخْلِدُون» .

وقيل: للاستفهام، قاله زيد بن عليّ، وبه قال الكوفيون. وقيل: معناه التشبيه، أي: كأنكم تخلدون. ويؤيده ما في حرف أبيّ: «كَأَنَّكم تُخلدون» بضم التاء مخففاً ومشدداً. وقرىء: «كأَنَّكُم خَالِدُونَ» ولم يعلم من نصب عليها أنها تكون للتشبيه. والمعنى: كأنكم تبقون فيها خالدين. قوله: «وَإِذَا بَطَشْتُم» أي: وإذا أردتم، وإنما احتجنا إلى تقدير الإرادة لئلا يتحد الشرط والجزاء، و «جَبَّارِين» حال. واعلم أن اتخاذ الأبنية العالية يدل على حب الدنيا، واتخاذ المصانع يدل على حب البقاء، والجبارية تدل على حب التفرد بالعلو، وهذه صفات الإِلهية وهي ممتنعة الحصول للعبد ولما ذكر هود هذه الأشياء قال: {فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ} زيادة في دعائهم إلى الآخرة، وزجراً لهم عن حب الدنيا والاشتغال بالسرف والتجبر، ثم وصل هذا الوعظ بما يؤكد القبول بأن نبههم على نعم الله تعالى عليهم فقال: {واتقوا الذي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ} أي: أعطاكم من الخير ما تعلمون، ثم فصل ذلك الإعطاء فقال] : {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي: بساتين وأنها، {إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ} .

قال ابن عباس: «إِن عَصَيْتُمُوني» عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم.

قوله: «أَمَدَّكُم بأَنْعَام» فيه وجهان:

أحدهما: أن الجملة الثانية بيان للأولى وتفسير لها.

والثاني: أن «بأنعام» بدل من قوله: «بِمَا تَعْلَمُون» بإعادة العامل، كقوله: {اتبعوا المرسلين اتبعوا مَن لَاّ يَسْأَلُكُمْ (أَجْراً) } [يس: ٢٠ - ٢١] .

قال أبو حيان: والأكثرون لا يجعلون هذا بدلاً وإنما يجعلونه تكريراً، وإنما يجعلون بدلاً بإعادة العامل إذا كان حرف جر من غير إعادة متعلقه نحو: «مَرَرْتُ بزيد بأخيك» ولا يقولون: «مررت بزيد مررت بأخيط» على البدل.

قوله: {أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الواعظين} معادلة لقوله: «أَوَعَظْتَ» . وإنما أتى بالمعادل كذا

<<  <  ج: ص:  >  >>