للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان سعد بن عبادة يدعو فيقول: اللهم وسِّع عليَّ (١)!

وأبلغ من هذا: أن يعقوب لما قال له بنوه: ﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ [يوسف: ٦٥] مال إلى هذا فأرسل بنيامين معهم، وأن شعيبًا طمع في زيادة ما يناله فقال: ﴿فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ﴾ [القصص: ٢٧]، وأن أيوب لما عُوفي، نُثر عليه جراد من ذهب فأخذ يثني ثوبه يستكثر منه، وقيل له: أما شبعت؟ فقال: يا رب ومن يشبع من فضلك" (٢). وهذا أمر مركوز في الطباع فإذا قُصد به الخير كان خيرًا محضًا.

° وأما كلام المحاسبي فخطأ يدل على الجهل بالعلم، وقوله: إن الله تعالى نهى عباده عن جمع المال، وأن رسول الله نهى أمته عن جمع المال. فهذا محال! وإنما النهي عن سوء القصد بالجمع، أو عن جمع من غير حِلّه.

° وما ذكره من حديث كعب وأبي ذرّ فمحال من وضع الجُهال، وخفاء صحته عنه ألحقه بالقوم، وقد روي بعض هذا وإن كان طريقه لا يثبت.

وأخبرنا ابن الحصين، قال: أخبرنا ابن المذهب، قال: أخبرنا ابن مالك، قال: نا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: نا حسن بن موسى، نا عبد الله بن لهيعة، حدثنا أبو قبيل، سمعت مالك بن عبد الله الزيادي يحدث عن أبي ذر أنه جاء يستأذن على عثمان فأذن له وبيده عصاة، فقال عثمان: يا كعب إن عبد الرحمن تُوفي وترك مالًا فما ترى فيه؟ فقال: إن كان يَصِلُ فيه حقَّ الله فلا بأس به، فرفع أبو ذر عصاه فضرب كعبًا، وقال: سمعت رسول الله يقول: ما أحب لو أن لي هذا الجبل ذهبًا أنفقه


(١) أخرج ابن سعد في الطبقات (٣/ ٦١٤)، وابن أب الدنيا في إصلاح المال (ص ١٧٠ رقم ٥٤)، والحاكم في المستدرك (٣/ ٢٥٣) أنه كان يدعو: اللهم هب لي حمدًا، وهب لي مجدًا، لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، اللهم لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه.
(٢) أخرجه البخاي (١/ ٣٨٧ رقم ٢٧٩)، والنسائي (١/ ٢٠٠ - ٢٠١)، وأحمد (٢/ ٣١٤)، وابن حبان (١٤/ ١٢٠ - ١٢١ رقم ٦٢٢٩) وغيرهم من حديث أبي هريرة بنحوه.

<<  <   >  >>