للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتقبل مني أَذَرُ خلفي منه سِتّ أواق، أنشدك الله يا عثمان أسمعته؟ -ثلاث مرات- قال: نعم (١).

قال المصنف: وهذا الحديث لا يثبت، وابن لهيعة مطعون فيه، قال يحيى (٢): لا يحتج بحديثه. والصحيح في التاريخ أن أبا ذر توفي سنة خمس وعشرين، وعبد الرحمن توفي سنة اثنتين وثلاثين، فقد عاش بعد أبي ذر سبع سنين (٣)، ثم لفظ ما ذكروه من حديثهم يدل على أن حديثهم موضوع (٤).

ثم كيف تقول الصحابة: إنا نخاف على عبد الرحمن؟! أَوَليس الإجماع منعقدًا على إباحة جمع المال من حِله، فما وجه الخوف مع الإباحة؟ أوَيأذن الشرع في شيء ثم يعاقب عليه! هذا قلة فهم وفقه.

ثم أينكر أبو ذر على عبد الرحمن، وعبد الرحمن خير من أبي ذر بما لا يتقارب (٥).


(١) رواه أحمد في مسنده (١/ ٦٣). ورواه أبو يعلى في مسنده الكبير كما في المطالب العالية (١/ ٣٦٩ رقم ٩٥٧)، وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٤٢): رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وقد ضعَّفه غير واحد، ورواه أبو يعلى في الكبير. وقال ابن حجر في المطالب العالية (١/ ٣٧٠): الحديث في الصحيح دون هذه القصة، ودون قول عثمان أنه سمعه. أخرجه البخاري (٣/ ٢٧٢ رقم ١٤٠٨).
(٢) كتاب التاريخ ليحيى بن معين (٢/ ٣٢٧ رقم ٥٣٨٨).
(٣) هذا وهم من المؤلّف لأن وفاتهما كانت في سنة واحدة هي سنة ٣٢ هـ. وابن كثير جعل وفاة أبي ذر سابقة على وفاة عبد الرحمن بن عوف.
انظر: البداية والنهاية (٧/ ١٦٤ - ١٦٥).
(٤) الحكم على هذا الحديث بالوضع غلطٌ من المؤلّف بل هو ضعيف بذكر القصّة وقول عثمان وانظر تعليق الحافظ عليه (ص ١٠٧٤)، فقد ذكر أن أصله في الصحيح.
(٥) هذه مسألة مهمة من مسائل الاعتقاد، وهي مسألة المفاضلة بين الصحابة ، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة وعمل الصحابة:
- قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [الحديد: ١٠].
- ولما سبَّ خالد بن الوليد عبد الرحمن بن عوف، قال النبي : "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدًا أنفق =

<<  <   >  >>