للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنِّف : قلت: هذا إسنادٌ مقْطوعٌ مظلمٌ لا يصحُّ عن ابن المسيِّبِ، ولا هذا شِعره، كان ابن المسيِّبِ أوْقرَ من هذا، وهذه الأبياتُ مشهورةٌ لمِحمدِ بن عبد الله بن نُمَيرٍ النُّمَيرِي الشَّاعِر، ولَم يكن نميريًا، وإنَّما نُسِبَ إلى اسم جدِّهِ، وهو ثَقَفيٌّ (١)، وزينبُ الَّتِي يُشَبِّبُ بِها هِي بنتُ يوسف أختُ الحجَّاج، وسألهُ عبد الملك بنُ مروانَ عن الرَّكْبِ ما كان؟ فقال: كانت أحْمِرَةً عِجَافًا حمَلت عليها قطرانًا من الطائف. فضحِكَ وأمرَ الحجَّاجَ أن لا يُؤذِيَهُ (٢).

ثم لو قَدَّرْنَا أن ابنَ المسيَّبِ ضرب برجْلهِ الأرضَ؛ فليس في ذلك حجَّةٌ على جوازِ الرَّقصِ، فإنَّ الإنسانَ قد يضربُ الأرضَ بِرِجله، أو يدُقُّهَا بيَده لشيءٍ يسمعُهُ ولا يُسمَّى ذلك رقصًا.

فما أقْبحَ هذا التَّعَلُّقَ! وأين ضرْبُ الأرضِ بالقَدَمِ مرَّةً أو مرَّتَينِ من رقْصِهِم الَّذِي يَخْرُجون بهِ عن سَمتِ العُقَلاءِ؟!

ثم دعُونا من الاحتِجاجِ، تعالَوا نتقاضى إلى العُقولِ: أيُّ معنىً في الرَّقص إلا اللَّعبُ الَّذي يليقُ بالأطْفال؟! وما الَّذي فيه من تَحْريكِ القلوبِ إلى الآخرة؟! هذه واللهِ مُكابرةٌ باردَةٌ (٣).


= كيف اقتصر على هذه الحكاية المنقطعة.
(١) ونسب الشعر له المبرد في الكامل ٢/ ٢٢٧ وأبو الفرج الأصفهاني في الأغاني ٥/ ١٨١ - ١٨٢ وابن عساكر في تاريخه ٥٤/ ٥٠ و ٦٩/ ١٧٩.
(٢) انظر في تفصيل ما ذكره المؤلف من خبر الركب: الأغاني ٦/ ٢٠٥ - ٢٠٦.
(٣) قال العز بن عبد السلام: وأما الرقص والتصفيق فخفة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث لا يفعلها إلا أرعن أو متصنع كذاب .. ولا يصدر الرقص والتصفيق إلا من غبي جاهل ولا يصدران من عاقل فاضل ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ولم يفعل ذلك أحد من الأنبياء ولا معتبر من أتباع الأنبياء وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء! قواعد الأحكام ٢/ ١٨٦.

<<  <   >  >>