للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الأمردِ المُسْتَحسنِ فهو كاذِبٌ، وإنَّما أُبيحَ على الإطلاقِ؛ لئلَّا يقعَ الحرَجُ في كَثْرَةِ المُخَالطةِ بالمَنعِ، فإذا وقع الإلحاحُ في النَّظرِ دلَّ على العملِ بمقتضَى ثورانِ الهوى (١).

قال سعيدُ بنُ المسيِّبْ: إذا رأيتُم الرَّجلَ يلِحُّ النَّظَرَ إلى غُلامٍ أمردَ فاتَّهِموه (٢).

القسمُ الرابع: قومٌ يقولونَ: نحنُ لا ننْظرُ نظرَ شهوةٍ، وإنَّما نظرَ اعتِبارٍ، فلا يَضُرُّنا النظرَ.

وهذا مُحالٌ منهم! فإن الطِّباعَ تَتَساوَى، فمنِ ادَّعى تميِيزَهُ عن أبناءِ جِنسهِ في الطَّبعِ ادَّعى المُحَال، وقد كشَفنا هذا في أوَّلِ كلامنا في السَّماع (٣).

• أخبرتنا شَهْدةُ بنتُ أحمد الإبري، قالت: أخبرنا جعفرُ بن أحمد السَّرّاج، قال: نا أبو إسحَاق إبراهيم بنُ سعيدٍ بمصر، قال: أخبرنا أبو صالِحٍ السَّمَرقَنْدِيّ، قال: نا الحُسينُ بن القاسمِ بن اليسع، قال: نا أحمدُ بن محمدَ بن عمرٍو الدينَوَري، قال: حدثنا أبو محمدٍ جعفرُ بن عبدِ الله الصُّوفي، قال: قال أبو حمزةَ الصُّوفي: حدَّثني عبدُ الله بن الزُّبَير الحنفي، قال: كنتُ جالِسًا مع النَّضْر الغَنَوي (٤) وكان مِن المبرزينَ العَابِدين، فَنَظَر إلى غُلامٍ جميلٍ، فلم تَزلْ عيناهُ واقِعَتَينِ عليهِ حتَّى دنا منه، فقال له: سألتُكَ باللهَ السَّميعِ وعزِّهِ الرَّفيعِ وسلطانِهِ المنيعِ إلَّا وقفْتَ عليَّ أروَى من النظَرِ إليك. فوقفَ قليلًا ثم ذهبَ ليمضِي، فقال لهُ: سألتُكَ بالحكيمِ المجيدِ الكريمِ المُبدي المعيدِ إلَّا


(١) في (ت): الشهوة.
(٢) ذكر هذا الأثر المؤلف في كتاب ذم الهوى ص ١٢٨ ونقله شيخ الإسلام في الفتاوى ١٥/ ٣٧٦ وابن القيم في روضة المحبين ص ١٠٥.
(٣) انظر ما قدمه المؤلف : ص ٥٣٦.
(٤) في (أ) و (ت): مع أبي النضر الغنوي والمثبت من (م). ولعله: النضر بن منصور الباهلي ويقال العنزي ويقال الغنوي ويقال الفزاري أبو عبد الرحمن الكوفي روى عنه العراقيون قال أبو حاتم: شيخ مجهول يروي أحاديث منكرة وقال البخاري: منكر الحديث. انظر: المجروحين ٣/ ٥٠ وتهذيب الكمال ٢٩/ ٤٠٥.

<<  <   >  >>