للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمطالِبُ بِما يخرُجُ عن الشَّرائِعِ وينبُو عنِ الطِّباعِ جاهلٌ يطالب بجهل، وقد قنعَ الشّرع منا أن لا نلطِم خدًا ولا نخرِق جيِبًا (١)، فأمّا دمعةٌ سائِلةٌ وقلبٌ حزِينٌ فلا عَيبَ في ذلك.

التلبيس الثَّاني: أنّهم يعملون عندَ موتِ الميّت دعوةً ويُسمُّونها عُرسًا، يُغنوُّن فيها ويرقصون ويلعبون، ويقولون: نفرحُ للميِّت إذ وصَلَ إلى ربِّهِ.

والتَّلبِيسُ في هَذا عليهم مِن ثلاثةِ أوجه:

• أحدُها: أنَّ المسنُونَ أن يُتَّخَذَ لأهلِ الميِّت طعامٌ، لاشتغالهِم بالمصِيبةِ عن إِعداد الطَّعام لأنفُسِهِم، وليس من السُّنَّة أن يَتَّخِذَهُ أهلُ الميِّتِ ويبعثُونَه إلى غيرِهم.

والأصلُ في اتِّخَاذِ الطَّعامِ لأهلِ الميِّتِ: ما أخبرنا به أبو الفتحِ الكرُوخِي، قال: أخبَرنا أبو عامرٍ الأزدِيُّ وأبو بَكرٍ الغُورَجِيُّ، قالا: أخبَرنا الجرَّاحِي، قال: نا المَحبُوبِي، قال: نا التِّرمذيُّ، قال: نا أحمَدُ بنُ مَنيعٍ وعليُّ بن حُجرٍ، قالا: حدثنا سُفيانُ بن عيينةَ، عن جَعفَر بنِ خالدٍ، عن أبيه، عن عبدِ الله بن جعفر، قال: لمَّا جاء نعيُ جعفرٍ قال النبي : "اصنَعُوا لأَهلِ جعفرٍ طَعامًا، فإنَّه قد جَاءَهُم ما يُشغِلُهُم". قال الترمذي: هذا حديثٌ صحيحٌ (٢).


(١) كما جاء ذلك في حديث ابن مسعود أخرجه البخاري رقم (١٢٣٢) ومسلم رقم (١٠٣) والإمام أحمد ١/ ٤٥٦.
(٢) أخرجه الترمذي رقم (٩٩٨) وقال: حسن صحيح وأبو داود رقم (٣١٣٢) وابن ماجه رقم (١٦١٠) والإمام أحمد في المسند ١/ ٢٠٥ وقال محققه الشيخ أحمد شاكر رقم (١٧٥١): إسناده صحيح. والحاكم في المستدرك ١/ ٣٧٢ وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وله شاهد عند أحمد ٦/ ٣٧٠ من حديث أسماء بنت عميس. والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود رقم (٢٦٨٦) وصحيح الترمذي رقم (٧٩٦) وصحيح ابن ماجه رقم (١٣٠٦) وأحكام الجنائز ص ١٦٧.

<<  <   >  >>