للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

همَّهُ بقراءةِ قُرآنٍ ولا بالتَّامُّلِ في تفسيره ولا بكتبِ حديثٍ وغيره (١)، فلا يزالُ يقول: الله الله الله! إلى أن ينتهِي إلى حالةٍ يتركُ تحريكَ اللِّسانِ، ثمَّ تمَتَحِي عن القلب صورةُ اللَّفظ (٢).

قال المصنِّفُ : قلت: عزيز عليَّ أن يصدُرَ هذا الكلامُ مِن فقيهٍ! فإنهُ لا يَخفَى قبحُهُ، كأنَّه على الحقِيقةِ طيٌّ لِبساطِ الشرِيعةِ التي حثَّت على تِلاوَةِ القرآنِ وطلبِ العِلم.

وعلى هذا المذهبِ فقد فاتتِ الفضائلُ عُلماءَ الأمصارِ، فإنَّهم ما سلكُوا هذهِ الطريقَ، وإنَّما تشاغلُوا بِالعِلم.

وعلَى ما قد رتَّبَ أبو حامدٍ تخلو النفسُ بوساوِسِها وخيالاتِها، ولا يكونُ عندَها مِن العلمِ ما يطرُدُ ذلك، فيلعبُ بها إبليسُ أيَّ ملعبٍ، ويريها الوسوسةَ في محادثةٍ ومُناجَاة!

ولا نُنكِرُ أنَّه إذا طهُرَ القلبُ أُفِيضَت عليهِ أنوارُ الهُدى، فينظُر بنورِ اللهِ تعالى (٣)، إلَّا أنهُ ينبغِي أن يكونَ تطهِيرهُ بمُقتضَى العِلمِ لا بما يُنافِيهِ؛ فإنَّ الجوعَ الشديدَ والسَّهرَ


(١) في (ت): ولا يكتب حديثًا في تفسيره ولا غيره.
(٢) انظر: الإحياء ٣/ ١٩.
(٣) أي: يلْهم الرشد ويوفق للحق والصواب أما ما يروى: "اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله ﷿". فهو حديث ضعيف. أخرجه الترمذي رقم (٣٣٤٦) وقال: هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه. والبخاري في التاريخ الكبير ٧/ ٣٥٤ والهيثمي في المجمع ١٠/ ٢٦٨ وقال: إسناده حسن. والحديث أخرجه المصنف في الموضوعات ٣/ ١٤٥، ١٤٨ وأورد طرق أسانيده المختلفة من أحاديث ابن عمرو وأبي سعيد وأبي أمامة وأبي هريرة وقال عنه: هذا حديث لا يصح عن رسول الله . والحديث ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي رقم (٦٠٧) وفي ضعيف الجامع الصغير رقم (١٢٧)، والأحاديث الضعيفة رقم (١٨٢١) وفيها أوضح طرقه وبيّن ضعفها وقال: وجملة القول أن الحديث ضعيف، لا حسن ولا موضوع.

<<  <   >  >>