للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جوزةً، وادْخُلْ إلى سوقِكَ الذي تُعَظَّمُ فيهِ! وينظر إليك كل من عرفك على هذه الحال.

فقالَ: يا أبا يزيدَ سُبحانَ اللهِ، تقولُ لي مثلَ هذا، ويَحْسُنُ أَنْ أَفعَلَ مثل هذا؟! فقال أبو يزيد: قولُكَ: سُبحانَ اللهِ شِرْكٌ! قالَ: وكيفَ؟ قالَ أبو يزيد: لأنَّكَ عَظَّمْتَ نفسكَ، فسَبَّحْتَها! فقالَ: يا أَبا يزيدَ، هذا ليس أَقْدِرُ عليهِ، ولا أَفعَلُهُ، ولكنْ دُلَّني على غيرِهِ حتى أَفعَلَهُ. فقالَ له أبو يزيدَ: ابتدئ بهذا قبل كُلِّ شيءٍ حتى يُسْقِطَ جاهَكَ، وتُذِلَّ نفسَكَ، ثم بعدَ ذلك أُعَرِّفُكَ ما يصلُحُ لك. قالَ: لا أُطيقُ هذا. قالَ: إِنَّكَ لا تقبلُ (١).

قالَ المصنِّفُ قلتُ: ليس في شرْعِنا -بحمدِ اللهِ- مِن هذا شيءٌ، بل فيهِ تحريمُ ذلك، والمنعُ منهُ، وقد قالَ نبيُّنا : "ليس للمؤمِنِ أن يُذِلَّ نفسَهُ" (٢)، وقدْ فاتَتِ الجمعةُ حذيفةَ، فلقي الناسَ راجعينَ، فاسْتَتَرَ؛ لئلَّا يُرَى بعينِ التقصير في قصد الصلاةِ (٣)! وهلْ طالَبَ الشرعُ أَحدًا بمحْوِ أَثرِ النفسِ؟! وقدْ قالَ


(١) أخرجه السهلكي في النور من كلمات أبي طيفور ص ١١٢ وذكره أبو طالب المكي في قوت القلوب ٢/ ٧٤ - ٧٥ والغزالي في الإحياء ٤/ ٣٥٨.
(٢) أخرجه الترمذي رقم (٢٢٥٤) وقال: هذا حديث حسن غريب. وابن ماجه رقم (٤٠١٦)، والإمام أحمد في المسند ٥/ ٤٠٥ وابن حبان في الثقاث ٨/ ٤٨١ وابن عدي في الكامل في الرجال ٥/ ٥٤ و ٦/ ٣٠٥، جميعهم عن حذيفة بن اليمان من طريق علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. والحديث ذكره الشيخ الألباني في الصحيحة رقم (٦١٣) وفي صحيح الجامع رقم (٧٦٧٤) وفي صحيح ابن ماجه رقم (٣٢٤٣) وقال: حسن. وفي صحيح الترمذي رقم (١٨٣٨) وقال: صحيح.
(٣) روي مثل هذا عن عمر في قصة إخراج الرسول للمنافقين من المسجد فيما رواه الطبراني في الأوسط ١/ ٢٤٢ وأورده الهيثمي في المجمع ٧/ ٣٤ وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي وهو ضعيف. وأخرجه الطبراني في الأوسط ٧/ ١٦١ أيضًا عن أنس . وقال عنه في المجمع ٨/ ٢٧: وفيه جماعة لم أعرفهم. ونحوه أخرج عبد الرزاق ٣/ ٢٣٢ عن زيد بن ثابت . وما روي عن حذيفة فهو ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٣/ ٢٣٢.

<<  <   >  >>