للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: "مَنْ أتى شيئًا من هذه القاذوراتِ فَلْيَسْتَتِرْ بسترِ الله" (١).

كُلُّ هذا للإِبقاءِ على جاهِ النفسِ، ولو أَمَرَ بهلولٌ الصبيانَ أَنْ يَصْفَعوهُ؛ كانَ قبيحًا! فنعوذُ باللهِ مِن هذه العقولِ الناقصةِ التي تُطالِبُ المبتدئَ بما لا يرضاهُ الشرعُ فيَنْفُرُ.

• وقدْ حكى أبو حامدٍ في كتاب الإحياءِ عن يحيى بن مُعاذٍ أَنه قالَ: قلتُ لأبي يزيدَ: هلَّا سأَلتَ الله تعالى المعرفةَ؟! فقالَ: عَزَّتْ عليهِ أَنْ يُعَرِّفه سواهُ (٢).

قالَ المصنِّف : قلتُ: هذا إِقرارٌ بالجهلِ، وإِنْ كانَ يُشيرُ إِلى معرفةِ الله تعالى في الجُملةِ، فإِنَّهُ موجودٌ وموصوفٌ بصفاتٍ، فهذا لا يسَعُ أَحدًا مِنَ المسلمينَ جَهْلُةُ، وإِنْ تخايَلَ لهُ أَنَّ معرفتَهُ هي اطِّلاعٌ على حقيقةِ ذاتِه وكُنْهِهَا؛ فهذا جهْلٌ بهِ.

• وحكى أبو حامدٍ: أَنَّ أَبا تُرابٍ النَخْشَبِيَّ قالَ لمريدٍ لهُ: لو رأَيْتَ أَبا يزيدَ مرةً واحدةً كانَ أَنْفَعَ لكَ مِن رؤيَةِ اللهِ سبعينَ مرةً (٣)!

قالَ المصنِّف : قلتُ: وهذا فوقَ الجُنونِ بدَرَجاتٍ!

• وحكى أبو حامدٍ عن ابنِ الكُرَنبي أنَّه قالَ: نَزَلْتُ في محلَّةٍ، فعُرِفْتُ فيها بالصلاحِ، فتَشتت قلبي، فدخلْتُ الحمَّامَ، وعيَّنْتُ على ثيابٍ فاخرةٍ، فسرقتُها،


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٨٢٥ مرسلًا. وقال الشافعي في الأم ٦/ ١٤٥: هذا حديث منقطع. وقال في موضع آخر في الأم ٦/ ١٣٨: حديث معروف عندنا، وهو غير متصل الإسناد فيما أعرف. ولعل مرادهما بذلك من حديث مالك. كما أشار إليه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ٤/ ٥٧ وإلا فالحديث قد روي مسندًا عن ابن عمر ، كما في المستدرك ٤/ ٢٤٤، و ٤/ ٣٨٣ ومرسلًا عن عبد الله بن دينار كما في مصنف عبد الرزاق ٧/ ٣١٩ و ٣٢٣ وذكر الحديث الألباني في صحيح الجامع الصغير رقم (١٤٨)، والأحاديث الصحيحة رقم (٦٦٣) وقال: صحيح.
(٢) انظر: الإحياء ٤/ ٣٥٦.
(٣) المصدر السابق ٤/ ٣٥٦ وقوت القلوب ٢/ ٧٠.

<<  <   >  >>