للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناسِ مَن يخْدِمُهُ، فليسَ مِن الدينِ إِذلالُ الرجلِ نفسَهُ بينَ الناس.

وقد تسمَّى قومٌ مِن الصوفيةِ بالملامَتيَّةِ (١) فاقْتَحَموا الذنوبَ، وقالوا: مقصودُنا أَنْ نَسْقُطَ مِن أَعْيُنِ الناسِ، فنسلَمَ مِن آفاتِ الجاهِ. وهؤلاءِ مثَلُهُم كَمَثَلِ رجُلٍ زنى بامرأَةٍ، فأَحْبَلَها، فقيلَ لهُ: لِمَ لمْ تعْزِلْ؟ فقالَ: بلَغَني أَنَّ العزلَ مكروهٌ! فقيلَ لهُ: وما بَلَغَكَ أَنَّ الزنا حرامٌ؟!

وهؤلاءِ الجهَلَةُ أَسقطوا جاهَهُم عندَ اللهِ سبحانَه، ونَسَوا أَنَّ المسلمينَ شُهداءُ اللهِ في الأرضِ (٢).

• أخبرنا ابن حبيب، قالَ: نا ابن أبي صادق، قالَ: نا ابن باكويه، قالَ: سمعتُ أبا أحمد الصغير، يقول: سمعت أبا عبد الله بن خفيف، يقول: سمعت المدني يقول: خرجتُ مرةً مِن بغداد إلى نهر الياسرية، وكان في ذلك النهر رجلٌ يميلُ إلى أصحابنا، فَبَيْنَا أنا أمشي على شاطئ النهر رأيتُ مرقعة مطروحة ونعلًا وخريقة فجمعتها، وقلتُ: هذه لفقيرٍ، ومشيتُ قليلًا فسمعت همهمةً وتخبطًا في الماء، فنظرتُ فإذا بأبي


= بعده: روي في ذلك آثار ولا يثبت منها شيء. وبيَّن ضعفه أيضًا الحافظ في لسان الميزان ٣/ ٤٤٦ والألباني في ضعيف الجامع الصغير رقم (٢٢٩٠).
(١) في (م)، وفي (ت): بالملامية.
الملامتية أو الملامية: طائفة شيخها: عبد الله بن منازل واتفقت الطائفة على أن من أطلع الناس على حاله مع الله فقد دنس طريقته إلا لحجة أو حاجة أو ضرورة. ولهم طريقة معروفة من حيث العمل: في إسقاط أنفسهم من أعين الناس فيسلموا من آفة الجاه وذلك بمباشرة أفعال يلام عليها حتى يسقط من أعين الخلق وتفارقه لذة القبول ويأنس بالخمول ويرد الخلق ويقنع بالقبول من الخالق وهذا هو مذهب الملامتية إذ اقتحموا الفواحش لأجل إسقاط أنفسهم من أعين الناس زعموا. انظر: مدارج السالكين ٢/ ٤٦١ وإغاثة اللهفان ١/ ١١٨ وإحياء علوم الدين ٣/ ٢٨٨ وشرح العقيدة الطحاوية ٢/ ٧٧١ ومصرع التصوف ص ٢١١.
(٢) كما في حديث أنس بن مالك في البخاري رقم (١٣٦٧) ومسلم رقم (٩٤٩).

<<  <   >  >>