للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأين الهيبة والتعظيم من قوله: ترى ما يفعل بي؟ وما وجه هذا الانبساط؟ وينبغي أنْ تجفَّ الألسنُ في أفواهِهَا هَيْبَةً، ثمَّ الذي يُرِيدُ غير الذِّكْرِ؟

ولقد خرج عن الشريعة بخروجه إلى السبع ومشيه على القصب المقطوع.

وهل يجوز في الشرع أن يلقي الإنسان نفسه إلى سَبُع؟ أترى أراد منها أن يغير ما طُبِعَتْ عليه من خوفِ السباع؟ ليس هذا في طَوْقِها ولا طَلَبَهُ الشرعُ منها. ولقد سمع هذا الرجل بعض أصحابه يقول مثل هذا القول، فأجابه بأجود جواب.

• أخبرنا محمد بن عبد الله بن حبيب، قال: نا علي بن أبي صادق، قال: أخبرنا ابن باكويه، قال: أخبرنا أبو يعقوب الخراط، قال: أخبرنا أبو أحمد المغازلي، قال: رأيت النوري وقد جعل رأسه إلى أسفل ورجليه إلى فوق وهو يقول: من الخَلْقِ أوحَشْتَنِي، ومن النفس والمال والدنيا أفقرتني. ويقول: ما معك إلا علم وذكر. قال: فقلتُ له: إن رضيتَ وإلا فانطحْ برأسك الحائط (١).

• أخبرنا محمد بن أبي القاسم، قال: أنبأنا الحسن بن محمد بن الفضل الكرماني، قال: أخبرنا سهل بن علي الخشاب، قال: نا عبد الله بن علي السراج، قال: سمعت أبا عمرو بن علوان يقول: حمل أبو الحسين النُّوريُّ ثلاثمائةِ دينارٍ ثَمَنَ عقارٍ بيعَ لهُ، وجَلَسَ على قنطرةٍ وجَعَلَ يَرْمي واحدًا واحدًا منها إلى الماءِ، ويقولُ: حبيبي تريد أن تَخْدَعني منك بمثلِ هذا!

قال السَّرَّاجُ: فقالَ بعضُ الناسِ: لو أَنْفَقَها في سبيلِ الله كانَ خيرًا لهُ! فقلتُ: إِنْ عَلِمَ أن تلكَ الدَّنانيرُ تشغلُهُ عن اللهِ طرفةَ عينٍ؛ كانَ الواجبُ أَنْ يرمِيَها في الماءِ دفعةً واحدةً، حتى يكونَ أَسرع لخِلاصهِ مِن فتْنَتِها؛ كما قالَ الله ﷿: ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ


(١) لم أجد من أخرجه غير المؤلف.

<<  <   >  >>