حمّام الرصاصي: هذه الحمّام كانت بحارة الديلم، أنشأها الأمير سيف الدين حسن بن أبي الهيجاء المروانيّ، حامل السيف المنصور، وأوقفها هي وجميع الآدر المجاورة لها على أولاده وذريته، فلما زالت الدولة الفاطمية عرفت بالأمير عز الدين أيبك الرصاصي، ولم تزل باقية إلى بعد سنة أربعين وسبعمائة، ثم خربت.
حمام الجيوشي: هذه الحمام كانت بحارة برجوان، على يمنة من دخل من رأي الحارة، وكانت من حقوق دار المظفر المظفر ابن أمير الجيوش، ثم صارت بعد زوال الدولة الفاطمية من جملة ما أوقفه الملك العادل أبو بكر ابن أيوب على رباطه الذي كان بخط النخالين من فسطاط مصر، ثم وضع بنو الكويك أصهار قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة أيديهم عليها في جملة ما وضعوا أيديهم عليه من الأوقاف بحارة ابن جماعة، وانتفعوا بريعها مدّة سنين، ثم خربوها بعد سنة أربعين وسبعمائة، وموضعها الآن بجوار دار قاضي القضاة شمس الدين محمد الطرابلسي، وبعضها داخل في الدار المذكورة، وبئرها بجوار القبو الذي يسلك من تحته إلى حمّام الرومي داخل حارة برجوان، ويعلو هذا العقد حاصل الماء الذي للحمام، ويمرّ على مجراه من حجرة مركّبة على جدار بجوار القبر إلى الحمام المذكورة، وآثار هذا الجدار باقية إلى اليوم، وكان قد استأجر هذه البئر والقبور بعد تعطل الحمّام القاضي أبو الفداء تاج الدين إسماعيل بن أحمد بن الخطباء المخزوميّ، من مباشري أوقاف رباط العادل، وبني على البئر وبجوارها دارا سكنها مدّة أعوام، وأنشأ بابا على حاصل الماء المركب على القبور مشرفا عاليا، تأنّق في ترخيمه ودهانه وكتب بدائره:
مشترف كم شبهوه الأدبا ... لحسنه إذ جاء شيئا عجبا
فقال قوم قلعة مبنية ... وآخرون شبهوه مرقبا
وشاعر أعجبه ترخيمه ... فقال تلك روضة فوق الربا
وقائل ماذا ترى تشبيهه ... فقلت هذا منبر ابن الخطبا
ثم خربت هذه الدار بعد موت ابن الخطباء واحترقت في سنة تسع وثمانمائة، وآثارها باقية وما زال ابن الخطباء يدفع حكر هذه البئر وهذا القبو لجهة الرباط العادلي حتى خرب، وعفى أثره وجهل مكانه، وقد رأيته في سنة أربع وتسعين وسبعمائة عامرا.
حمّام الرومي: هذه الحمّام بجوار حارة برجوان، عرفت بالأمير سنقر الرومي الصالحيّ أحد الأمراء في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ، أنشأها بجوار اسطبله الذي يعرف اليوم باسطبل ابن الكويك، وذلك تجاه رحبة داره التي عرفت بدار مازان، ووقف هذه الدار والإسطبل والحمّام المذكورة في سنة اثنين وستين وستمائة، فأما الدار فإنها صارت أخيرا بيد رجل من عامة الناس يعرف بعيسى البناء، فباعها انقاضا بعد ما