خرّبها في سنة سبع وثمانمائة لرجل من المباشرين، فهدمها ليعمرها عمارة جليلة، فلم يمهل وعاجله القضاء فمات، وصارت خربة فابتاعها بعض الناس من ورثة المذكور وشرع في عمارة شيء منها، وأما الإصطبل والحمّام فوضع بنو الكويك أيديهم عليهما مدّة أعوام، حتى صارا ملكا لهم يورثان، وهما الآن بيد شرف الدين محمد بن محمد بن الكويك، وقد جعل ما يخصه من الحمّام وقفا على نفسه، ثم على اناس من بعده، وفي هذه الحمام حصة أيضا وقفها شيخنا برهان الدين إبراهيم الشامي الضرير على أمته وهي بيدها.
سنقر الرومي: الصالحيّ النجميّ، أحد مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب البحرية، ترقى عنده في الخدم حتى صار جامدار، وكان من خوشداشية بيبرس البندقداريّ وأصدقائه، فلما قتل الفارس أقطاي في أيام الملك المعز أيبك التركماني، وخرج البحرية من القاهرة إلى بلاد الشام، كان سنقر ممن خرج ورافق بيبرس وارتفق بصحبته، ونال منه مالا وثيابا وغير ذلك، وتنقل معهم في الكرك إلى أن كان من أمره في الصيد مع صاحب الكرك، فطلب سنقر من بيبرس شيئا فلم يجبه وامتنع من إعطائه، فحنق وفارقه إلى مصر فأقام بها، ثم أن بيبرس قدم إلى مصر بعد ذلك وقد صار أميرا فلم يعبأ سنقر به ولا قدّم إليه شيئا كعادة الخواشداشية، فلما صار الأمر إلى بيبرس، وملك بعد قطز، قدّم سنقر وأعطاه الإقطاعات الجليلة، ونوّه بقدره، فلم يرض، فصار إذا ورد عليه الإنعام السلطانيّ لا يأخذه بقبول، ويخلو كل وقت بجماعة بعد جماعة ويفرّق فيهم المال، فيبلغ ذلك السلطان ويغضي عنه، وربما بعث إليه وحذره مع الأمير قلاوون وغيره فلم ينته، ثم أنه قتل مملوكين من مماليكه بغير ذنب، فعزّ قتلهما على السلطان فطلبه في رابع عشرى ذي الحجة سنة ثلاث وستين وستمائة واعتقله، فقال أريد أعرف ذنبي، فبعث إليه السلطان يعدّ ذنوبه. فتحسر وقال: أوّاه لو كنت حاضرا قتل الملك المظفر قطز، حتى أعاند في الذي جرى، وكان كثيرا ما يقول ذلك، وبلغ هذا القول هذه السلطان في حال أمرته فقال: أنت أخي، وتتحسر كونك ما قدرت أن تعين عليّ.
حمّاما سويد: هاتان الحمامان بآخر سويقة أمير الجيوس، عرفتا بالأمير عز الدين معالي بن سويد، وقد خربت إحداهما، ويقال أنها غارت في الأرض وهلك فيها جماعة، وبقيت الأخرى وهي الآن بيد الخليفة أبي الفضل العباسيّ بن محمد المتوكل.
حمام طغلق: هذه الحمام بجوار درب المنصوري من خط حارة الصالحية، صارت أخيرا بيد ورثة الأمير قطلوبغا المنصوريّ حاجب الحجاب في أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين، وكانت معدّة لدخول الرجال، ثم تعطلت بعد سنة تسعين وسبعمائة، وأخذ حاصلها، وعهدي بها بعد سنة ثمانمائة أطلالا واهية.
حمّام ابن علكان: هذه الحمّام كانت بحارة الجودرية، أنشأها الأمير شجاع الدين