الأخفاف وأسكنهم في الحوانيت التي خارجها، فعمرت من داخلها وخارجها بالناس في يومين، وجاء إلى مخدومه الأمير بيبرس وكان قد ولي السلطنة وتقلب بالملك المظفر وقال: بسعادة السلطان أسكنت القيسارية في يوم واحد، فنظر إليه طويلا وقال: يا قاضي إن كنت أسكنتها في يوم واحد فهي تخلو في ساعة واحدة. فجاء الأمر كما قال، وذلك أنه لما فرّ بيبرس من قلعة الجبل لم يبت في هذه القيسارية لأحد من سكانها قطعة قماش، بل نقلوا كل ما كان لهم فيها وخلت حوانيتها مدّة طويلة، ثم سكنها صنّاع الأخفاف، كل حانوت بعشرة دراهم، وفي حوانيتها ما أجرته ثمانية دراهم، وهي الآن جارية في أوقاف الخانقاه الركنية بيبرس، ويسكنها صناع الأخفاف، وأكثر حوانيتها غير مسكون لخرابها ولقلة الاخفافيين، ويعرف الخط الذي هي فيه اليوم بالأخفافيين رأس الجودرية.
القيسارية الطويلة: هذه القيسارية في شارع القاهرة بسوق الخردفوشيين، فيما بين سوق المهامزيين وسوق الجوخيين، ولها باب آخر عند باب سر حمّام الخرّاطين، كانت تعرف قديما بقيسارية السروج بناها ... «١» .
قيسارية ... «٢» : هذه القيسارية تجاه قيسارية السروج المعروفة الآن بالقيسارية الطويلة، بعضها وقفه القاضي الأشرف بن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن عليّ البيسانيّ، على ملء الصهريج بدرب ملوخيا، وبعضها وقف الصالح طلائع بن رزيك الوزير، وقد هدمت هذه القيسارية وبناها الأمير جاني بك دوادار السلطان الملك الأشرف برسباي الدقاقيّ الظاهريّ، في سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، تربيعة تتصل بالوراقين، ولها باب من الشارع، وجعل علوها طباقا، وعلى بابها حوانيت، فجاءت من أحسن المباني.
قيسارية العصفر: هذه القيسارية بشارع القاهرة، لها باب من سوق المهامزيين، وباب من سوق الورّاقين، عرفت بذلك من أجل أن العصفر كان يدق بها. أنشأها الأمير علم الدين سنجر المسروريّ المعروف بالخياط والي القاهرة، ووقفها في سنة اثنتين وتسعين وستمائة، ولم تزل باقية بيد ورثته إلى أن ولي القاضي ناصر الدين محمد بن البارزيّ الحمويّ كتابة السرّ في أيام المؤيد شيخ، فاستأجرها مدّة أعوام من مستحقيها، ونقل إليها العنبريين، فصارت قيسارية عنبر، وذلك في سنة ست عشرة وثمانمائة، ثم انتقل منها أهل العنبر إلى سوقهم في سنة ثماني عشرة وثمانمائة.
قيسارية العنبر: قد تقدّم في ذكر الأسواق أنها كانت سجنا، وأن الملك المنصور قلاون عمّرها في سنة ثمانين وستمائة، وجعلها سوق عنبر.