جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وستمائة، ولفّ في نخ ودفن بالقرافة.
واستقرّ من بعده في الوزارة قاضي القضاة بدر الدين السنجاريّ مع ما بيده من قضاء القضاة، ولم تزل هذه القيسارية باقية، وكانت تعرف بقيسارية النشاب إلى أن أخذها الأمير جمال الدين يوسف الاستادار، هي والحوانيت على يمنة من سلك من الخرّاطين يريد الجامع الأزهر، وفيما بينهما كان باب هذه القيسارية، وكانت هذه الحوانيت تعرف بوقف تمرتاش، وهدم الجميع وشرع في بنائه، فقتل قبل أن يكمل، وأخذه الملك الناصر فرح، فبنيت الحوانيت التي هي على الشارع بسوق المهامزيين، وصار ما بقي ساحة عمرها القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل الدمشقي ناظر الجيش قيسارية يعلوها ربع، وبنى أيضا على حوانيت جمال الدين ربعا، وذلك في سنة خمس وعشرين وثمانمائة. وقال الإمام عفيف الدين أبو الحسن عليّ بن عدلان يمدح الأسعد الفائزيّ رحمه الله ابن صاعد، وابنه المرتضى:
مذ تولى أمورنا ... لم أزل منه ذاهبه
وهو إن دام أمره ... شدّة العيش ذاهبه
قيسارية بكتمر: هذه القيسارية بسوق الحريريين بالقرب من سوق الوراقين، كانت تعرف قديما بالصاغة، ثم صارت فندقا يقال له فندق حكم، وأصلها من جملة الدار العظمى التي تعرف بدار المأمون بن البطائحي، وبعضها المدرسة السيوفية. أنشأ هذه القيسارية الأمير بكتمر الساقي في أيام الناصر محمد بن قلاوون.
قيسارية ابن يحيى: هذه القيسارية كانت تجاه باب قيسارية جهاركس، حيث سوق الطيور، وقاعات الحلوى، أنشأها القاضي المفضل هبة الله بن يحيى التميميّ المعدّل، كان موثقا كاتبا في الشروط الحكمية في حدود سنة أربعين وخمسمائة في الدولة الفاطمية، ثم صار من جملة العدول، وبقي إلى سنة ثمانين، وله ابن يقال له كمال الدين عبد المجيد القاضي المفضل، ولكمال الدين ابن يقال له جلال الدين محمد بن كمال الدين عبد المجيد بن القاضي المفضل هبة الله بن يحيى، مات في آخر سنة ستين وسبعمائة، وقد خربت هذه القيسارية ولم يبق لها أثر.
قيسارية طاشتمر: هذه القيسارية بجوار الوراقين، لها باب كبير من سوق الحريريين، على يسرة من سلك إلى الزجاجين وباب من الوراقين. أنشأها الأمير طاشتمر في أعوام بضع وثلاثين وسبعمائة، وسكنها عقادوا الأزرار حتى غصت بهم مع كبرها وكثرة حوانيتها، وكان لهم منظر بهيج، فإنّ أكثرهم من بياض الناس، وتحت يد كل معلم منهم عدّة صبيان من أولاد الأتراك وغيرهم فطالما مررت منها إلى سوق الوراقين، وداخلني حياء من كثرة من أمرّ به هناك، ثم لما حدثت المحن في سنة ست وثمانمائة تلاشى أمرها وخرب الربع الذي كان