للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدجاجين، وباب من الشارع الذي يسلك فيه من بين القصرين إلى الركن المخلق، فاتفق أن ولي نيابة النظر في المارستان المنصوري عن الأمير الكبير ايتمش النحاسي الظاهريّ أمير يعرف بالأمير خضر ابن التنكزية، فهدم هذا السوق والقيسارية وما يعلوها، وأنشأ هذه الحوانيت والرباع التي فوقها تجاه ربع الكامل الذي يعلو ما بين درب الخضيري وقبو الخرشتف، فلما كمل أسكن في الحوانيت عدّة من الزياتين وغيرهم، وبقي من الدجاجين بهذا السوق بقية قليلة.

سوق بين القصرين: هذا السوق أعظم أسواق الدنيا فيما بلغنا، وكان في الدولة الفاطمية براحا واسعا يقف فيه عشرة آلاف ما بين فارس وراجل، ثم لما زالت الدولة ابتذل وصار سوقا يعجز الواصف عن حكاية ما كان فيه، وقد تقدّم ذكره في الخطط من هذا الكتاب، وفيه إلى الآن بقية تحزنني رؤيتها إذ صارت إلى هذه القلة.

سوق السلاح: هذا السوق فيما بين المدرسة الظاهرية بيبرس وبين باب قصر بشتاك، استجدّ فيما بعد الدولة الفاطمية في خط بين القصرين. وجعل لبيع القسيّ والنشاب والزرديات وغير ذلك من آلات السلاح، وكان تجاهه خان يقابل الخان الذي هو الآن بوسط سوق السلاح، وعلى بابه من الجانبين حوانيت تجلس فيها الصيارف طول النهار، فإذا كان عصريات كل يوم جلس أرباب المقاعد تجاه حوانيت الصيارف لبيع أنواع من المآكل، ويقابلهم تجاه حوانيت سوق السلاح أرباب المقاعد أيضا، فإذا أقبل الليل أشعلت السرج من الجانبين وأخذ الناس في التمشي بينهما على سبيل الاسترواح والتنزه، فيمرّ هنالك من الخلاعات والمجون ما لا يعبر عنه بوصف، فلما أنشأ الملك الظاهر برقوق المدرسة الظاهرية المستجدّة صارت في موضع الخان وحوانيت الصرف تجاه سوق السلاح، وقلّ ما كان هناك من المقاعد وبقي منها شيء يسير.

سوق القفيصات: بصيغة الجمع، والتصغير هكذا يعرف كأنه جمع قفيص، فإنه كله معدّ لجلوس أناس على تخوت تجاه شبابيك القبة المنصورية، وفوق تلك التخوت أقفاص صغار من حديد مشبك فيها الطرائف من الخواتيم والفصوص وأساور النسوان وخلاخيلهنّ وغير ذلك، وهذه الأقفاص يأخذ أجرة الأرض التي هي عليها مباشر المارستان المنصوري، وأصل هذه الأرض كانت من حقوق أرض موقوفة على جامع المقس، فدخل بعضها في القبة المنصورية، وصار بعضها كما ذكرنا وإلى اليوم يدفع من وقف المارستان حكر هذه الأرض لجامع المقس، ولما ولي نظر المارستان الأمير جمال الدين أقوش المعروف بنائب الكرك في سنة ست وعشرين وسبعمائة، عمل فيه أشياء من ماله، منها خيمة ذرعها مائة ذراع، نشرها من أوّل جدار القبة المنصورية بحذاء المدرسة الناصرية إلى آخر حدّ المدرسة المنصورية بجوار الصاغة، فصارت فوق مقاعد الأقفاص تظلهم من حرّ الشمس، وعمل لها

<<  <  ج: ص:  >  >>