للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهة الشرقية عند ما وضعت القاهرة فضاء فيما بين السوروبين الجبل لا بنيان فيه البتة، وما زال على هذا إلى أن كانت الدولة التركية، فقيل لهذا الفضاء الميدان الأسود، وميدان القبق، وسيرد ذكر هذا الميدان إن شاء الله تعالى.

فلما كانت سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون، عمل هذا الميدان مقبرة لأموات المسلمين، وبنيت فيه الترب الموجودة الآن كما ذكر عند ذكر المقابر من هذا الكتاب، وكانت الجهة الغربية تنقسم قسمين، أحدهما برّ الخليج الشرقيّ، والآخر برّ الخليج الغربيّ، فأما برّ الخليج الشرقي، فكان عليه بستان الأمير أبي بكر محمد بن طفج الإخشيد وميدانه، وعرف هذا البستان بالكافوري، فلما اختط القائد جوهر القاهرة أدخل هذا البستان في سور القاهرة، وجعل بجانبه الميدان الذي يعرف اليوم بالخرشتف، فصارت القاهرة تشرف من غربيها على الخليج، وبنيت على هذا الخليج مناظر وهي: منظرة اللؤلؤة، ومنظرة دار الذهب، ومنظرة غزالة، كما ذكر عند ذكر المناظر من هذا الكتاب. وكان فيما بين البستان الكافوري والمناظر المذكورة وبين الخليج، شارع تجلس فيه عامة الناس للتفرّج على الخليج وما وراءه من البساتين والبرك، ويقال لهذا الشارع اليوم بين السورين، ويتصل بالبستان الكافوري وميدان الإخشيد بركة الفيل، وبركة قارون، ويشرف على بركة قارون الدور التي كانت متصلة بالعسكر ظاهر مدينة فسطاط مصر، كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب، عند ذكر البرك وعند ذكر العسكر. وأما برّ الخليج الغربيّ، فإن أوّله الآن من موردة الخلفاء فيما بين خط الجامع الجديد خارج مصر وبين منشأة المهرانيّ، وآخره أرض التاج والخمس وجوه وما بعدها من بحريّ القاهرة، وكان أوّل هذا الخليج عند وضع القاهرة بجانب خط السبع سقايات، وكان ما بين خط السبع سقايات وبين المعاريج بمدينة مصر غامرا بماء النيل، كما ذكر في ساحل مصر من هذا الكتاب، وكانت القنطرة التي يفتح سدّها عند وفاء النيل ست عشرة ذراعا خلف السبع سقايات، كما ذكر عند ذكر القناطر من هذا الكتاب، وكان هناك منظرة السكرة التي يجلس فيها الخليفة يوم فتح الخليج، ولها بستان عظيم، ويعرف موضعه اليوم بالمريس، ويتصل ببستان منظرة السكرة جنان الزهري، وهي من خط قناطر السباع الموجودة الآن بحذاء خط السبع سقايات إلى أراضي اللوق، ويتصل بالزهري عدّة بساتين إلى المقس، وقد صار موضع الزهري وما كان بجواره على برّ الخليج من البساتين يعرف بالحكورة، من أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى وقتنا هذا، كما ذكر عند ذكر الأحكار من هذا الكتاب.

وكان الزهريّ وما بجواره من البساتين التي على برّ الخليج الغربي والمقس، كل ذلك مطلّ على النيل، وليس لبرّ الخليج الغربيّ كبير عرض، وإنما يمرّ النيل في غربيّ البساتين على الموضع الذي يعرف اليوم باللوق إلى المقس، فيصير المقس هو ساحل القاهرة، وتنتهي المراكب إلى موضع جامع المقس الذي يعرف اليوم بجامع المقسي، فكان ما بين

<<  <  ج: ص:  >  >>