والتسليم، وعرفت هذه الأرض ببستان ابن قريش، وبعضها دخل في الميدان الظاهريّ، وعوّض عنها أراض بأكثر من قيمتها، وكان متحصل هذا الوقف يحمل في كل سنة إلى المدينة لتنظيف العين وتنظيف مجاريها، وأما الجانب الغربيّ من خليج فم الخور المعروف اليوم بحكر ابن الأثير، وبسويقة الموفق، وموردة الملح، وساحل بولاق، كله فإنه محدث، عمّر بعد سنة سبعمائة كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى قريبا.
فإنّ النيل كان يمرّ من ساحر الحمراء بغربيّ الزهري على الأراضي التي لما انحسر عنها عرفت بأراضي اللوق، إلى أن ينتهي إلى ساحل المقس، وكانت طاقات المناظر التي بالدكة تشرف على النيل الأعظم، ولا يحول بنيها وبين رؤية برّ الجيزة شيء، ويمرّ النيل من الكدة إلى المقس، ويمتدّ إلى زريبة جامع المقس الذي هو الآن على الخليج الناصريّ. فلما انحسر ماء النيل عن أراضي اللوق، اتصلت بالمقس وصارت عدّة أماكن تعرف بظاهر اللوق، وهي بستان ابن ثعلب، ومنشأة ابن ثعلب، وباب اللوق، وحكر قردمية، وحكر كريم الدين، ورحبة التبن، وبستان السعيديّ، وبركة قرموط، وخور الصعبيّ، وصار بين اللوق وبين منشأة المهرانيّ التي هي بأوّل برّ الخليج الغربيّ منشأة الفاضل، والمنشأة المستجدّة، وحكر الخليليّ، وحكر الساباط، ويعرف بحكر بستان القاصد، وحكر كريم الدين الصغير، وحكر المطوع، وحكر العين الزرقاء. وفي غربيّ هذه المواضع على شاطىء النيل زريبة قوصون، وموردة البلاط، وموردة الجبس، وخط الجامع الطيبرسيّ، وزريبة السلطان، وربع بكتمر.
وأوّل ما بنيت الدور للسكن في اللوق أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ، وذلك أنه جهز كشافه من خواصه مع الأمير جمال الدين الرومي السلاح دار، والأمير علاء الدين أق سنقر الناصريّ، ليعرف أخبار هولاكو، ومعهم عدّة من العربان، فوجدوا طائفة من التتر مستأمنين وقد عزموا على قصد السلطان بمصر، وذلك أن الملك بركة خان ملك التتر كان قد بعثهم نجدة لهولاكو، فلما وقع بينهما، كتب إليهم بركة يأمرهم بمفارقة هولاكو والمصير إليه، فإن تعذر عليهم ذلك صاروا إلى عسكر مصر، فإنه كان قد ركن إلى الملك الظاهر، وتردّدت القصّاد بينهم بعد واقعة بغداد ورحيل هولاكو عن حلب، فاختلف هولاكو مع ابن عمه بركة خان وتواقعا، فقتل ولد هولاكو في المصاف، وانهزم عسكره وفرّ إلى قلعة في بحيرة أذربيجان، فلما وردت الأخبار بذلك إلى مصر، كتب السلطان إلى نوّاب الشام بإكرامهم وتجهيز الإقامات لهم، وبعث إليهم بالخلع والإنعامات، فوصلوا إلى ظاهر القاهرة وهم نيف على مائتي فارس بنسائهم وأولادهم في يوم الخميس رابع عشرى ذي الحجة سنة ستين وستمائة، فخرج السلطان يوم السبت سادس عشرية إلى لقائهم بنفسه ومعه العساكر، فلم يبق أحد حتى خرج لمشاهدتهم، فاجتمع عالم عظيم تبهر رؤيتهم العقول، وكان يوما مشهودا. فأنزلهم السلطان في دور كان قد أمر بعمارتها من