للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجلهم في أراضي اللوق، وعمل لهم دعوة عظيمة هناك، وحمل إليهم الخلع والخيول والأموال، وركب السلطان إلى الميدان وأركبهم معه للعب الأكرة، وأعطى كبراءهم أمريات، فمنهم من عمله أمير مائة، ومنهم دون ذلك، ونزل بقيتهم من جملة البحرية، وصار كل منهم من سعة الحال كالأمير، في خدمته الأجناد والغلمان، وأفرد لهم عدّة جهات برسم مرتبهم، وكثرت نعمهم، وتظاهروا بدين الإسلام، فلما بلغ التتار ما فعله السلطان مع هؤلاء، وفد عليه منهم جماعة بعد جماعة، وهو يقابلهم بمزيد الأحسان، فتكاثروا بديار مصر، وتزايدت العمائر في اللوق وما حوله، وصار هناك عدّة أحكار عامرة آهلة إلى أن خربت شيئا بعد شيء، وصارت كيمانا، وفيها ما هو عامر إلى يومنا هذا، ولما قدمت رسل القان بركة في سنة إحدى وستين وسبعمائة، أنزلهم السلطان الملك الظاهر باللوق، وعمل لهم فيه مهما، وصار يركب في كل سبت وثلاثاء للعب الأكرة باللوق في الميدان. وفي سادس ذي الحجة من سنة إحدى وستين قدم من المغل والبهادرية زيادة على ألف وثلثمائة فارس، فأنزلوا في مساكن عمرت لهم باللوق بأهاليهم وأولادهم، وفي شهر رجب سنة إحدى وستين وسبعمائة قدمت رسل الملك بركة، ورسل الأشكري، فعملت لهم دعوة عظيمة باللوق.

فأما

بستان ابن ثعلب فإنه كان بستانا عظيم القدر، مساحته خمسة وسبعون فدانا، فيه سائر الفواكه بأسرها، وجميع ما يزدرع من الأشجار والنخل والكروم، والنرجس والهليون والورد، والنسرين والياسمين والخوخ، والكمثرى والنارنج والليمون التفاحيّ، والليمون الراكب، والمختن والجميز والقراصيا، والرمان والزيتون والتوت الشاميّ والمصريّ، والمرسين والتامر حنا وألبان تعرف اليوم ببركة قرموط، والأرض التي تعرف اليوم بالخور، قبالة الأرض المعروفة بالبيضاء بجوار بستان السراج، وبستان الزهريّ، وبستان البورجي، فيما بين هذه البساتين وبين خليج الدكة والمقس، وكان على بستان ابن ثعلب سور مبنيّ، وله باب جليل. وحدّه القبليّ إلى منشأة ابن ثعلب، وحدّه البحريّ إلى الأرض المجاورة للميدان السلطانيّ الصالحيّ، وإلى أرض الجزائر، وفي هذا الحدّ أرض الخور، وهي من حقوقه. وحدّه الشرقيّ إلى بستان الدكة، وبستان الأمير قراقوش، وحدّه الغربيّ إلى الطريق المسلوك فيها إلى موردة السقائين قبالة بستان السراج، وموردة السقائين هذه موضع قنطرة الخرق الآن.

وابن ثعلب هذا هو الشريف الأمير الكبير فخر الدين إسماعيل بن ثعلب الجعفريّ الزينبيّ، أحد أمراء مصر في أيام الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب وغيره، وصاحب المدرسة الشريفية بجوار درب كركامة، على رأس حارة الجودرية من القاهرة، وانتقل من بعده إلى ابنه الأمير حصن الدين ثعلب، فاشتراه منه الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي بثلاثة آلاف دينار

<<  <  ج: ص:  >  >>