للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحبانيون بطن من درما، وبستان الحبانية فصل الناس بينه وبين البركة بطريق تسلك فيها المارة، وكان من شرقيّ بركة الفيل أيضا بساتين، منها بستان سيف الإسلام، فيما بين البركة والجبل الذي عليه الآن قلعة الجبل، وموضعه الآن المساكن التي من جملتها درب ابن البابا إلى زقاق حلب، وحوض ابن هنس، وعدّة بساتين أخر إلى باب زويلة.

وكذلك شقة القاهرة الغربية كانت أيضا بساتين، فوضع حارة الوزيرية إلى الكافوريّ كان ميدان الإخشيد، وبجانب الميدان بستانه الذي يقال له اليوم الكافوري، وما خرج عن باب الفتوح إلى منية الأصبغ الذي يعرف اليوم بالخندق، كان ذلك كله بساتين على حافة الخليج الشرقية، وقد ذكرت هذه المواضع في هذا الكتاب مبينة، وعند التأمل يظهر أن الخليج الكبير عند ابتداء حفره كان أوّله إمّا عند مدينة عين شمس، أو من بحريها، لأجل أن القطعة التي بجانب هذا الخليج من غربيه، والقطعة التي هي بشرقيه، فيما بين عين شمس وموردة الحلفاء خارج مدينة فسطاط مصر، جميعهما طين إبليز، والطين المذكور لا يكون إلا من حيث يمرّ ماء النيل، فتعين أنّ ماء النيل كان في القديم على هذه الأرض التي بجانبي الخليج، فينتج أن أوّل الخليج كان عند آخر النيل من من الجهة البحرية، وينتهي الطين إلى نحو مدينة عين شمس من الجانب الشرقيّ، ويصير ما بعد الخندق في الجهة البحرية رملا لا طين فيه، وهذا بين لمن تأمله وتدبره، وفي هذه الجهة التي تلي الخليج خارج باب زويلة حارات قد ذكرت عند ذكر الحارات من هذا الكتاب، وبقيت هناك أشياء نحتاج أن نعرّف بها وهي:

حوض ابن هنس: وهو حوض ترده الدواب، وينقل إليه الماء من بئر، وبه صارت تلك الخطة تعرف، وهي تلي حارة حلب، ويسلك إليها من جانبه، وهو وقف الأمير سعد الدين مسعود بن الأمير بدر الدين هنس بن عبد الله، أحد الحجاب الخاص في أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب في سلخ شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة، وعمل بأعلاه مسجدا مرتفعا وساقية ماء على بئر معين، ومات يوم السبت عاشر شوّال سنة سبع وأربعين وستمائة، ودفن بجوار الحوض، وكان هذا الحوض قد تعطل في عصرنا، فجدّده الأمير تتر أحد الأمراء الكبار في الدولة المؤيدية، في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ومات هنس أمير جندار السلطان الملك العزيز عثمان في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.

مناظر الكبش: هذه المناظر آثارها الآن على جبل يشكر بجوار الجامع الطولونيّ، مشرفة على البركة التي تعرف اليوم ببركة قارون عند الجسر الأعظم، الفاصل بين بركة الفيل وبركة قارون، أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب في أعوام بضع وأربعين وستمائة. وكان حينئذ ليس على بركة الفيل بناء، ولا في المواضع التي في برّ الخليج الغربيّ من قنطرة السباع إلى المقس سوى

<<  <  ج: ص:  >  >>