للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يعرف ما حصل لهذه العشرين جوقة من كثرة ما حصل ولما انقضت أيام العرس أنعم السلطان لكل امرأة من نساء الأمراء بتعبية قماش على مقدارها، وخلع على سائر أرباب الوظائف من الأمراء والكتاب وغيرهم، فكان مهما عظيما تجاوز المصروف فيه حدّ الكثرة.

وسكن هذه المناظر أيضا الأمير صرغتمش في أيام السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، وعمر الباب الذي هو موجود الآن وبدنتي الحجر اللتين بجانبي باب الكبش بالحدرة، ثم أن الأمير بلبغا العمري المعروف بالخاصكيّ سكنه إلى أن قتل في سنة ثمان وستين وسبعمائة، فسكنه من بعده الأمير استدمر إلى أن قبض عليه الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون وأمر بهدم الكبش فهدم، وأقام خرابا لا ساكن فيه إلى سنة خمس وسبعين وسبعمائة، فحكره الناس وبنوا فيه مساكن وهو على ذلك إلى اليوم.

خط درب ابن البابا: هذا الخط يتوصل إليه من تجاه المدرسة البندقدارية بجوار حمام الفارقاني، ويسلك فيه إلى خط واسع يشتمل على عدّة مساكن جليلة، ويتوصل منه إلى الجامع الطولونيّ وقناطر السباع وغير ذلك، وكان هذا الخط بستانا يعرف ببستان أبي الحسين بن مرشد الطائيّ، ثم عرف ببستان تامش، ثم عرف أخيرا ببستان سيف الإسلام طفتكين بن أيوب، وكان يشرف على بركة الفيل، وله دهاليز واسعة عليها جواسق تنظر إلى الجهات الأربع، ويقابله حيث الدرب الآن المدرسة البندقدارية وما في صفها إلى الصليبة بستان، يعرف ببستان الوزير ابن المغربيّ، وفيه حمّام مليحة، ويتصل ببستان ابن المغربيّ بستان عرف أخيرا ببستان شجر الدر، وهو حيث الآن سكن الخلفاء بالقرب من المشهد النفيسيّ، ويتصل ببستان شجر الدر بساتين إلى حيث الموضع المعروف اليوم بالبكارة من مصر، ثم أن بستان سيف الإسلام حكره أمير يعرف بعلم الدين الغتمي، فبنى الناس فيه الدور في الدولة التركية، وصار يعرف الغتمي، وهو الآن يعرف بدرب ابن البابا، وهو الأمير الجليل الكبير جنكلي بن محمد بن البابا بن جنكلي بن خليل بن عبد الله بدر الدين العجليّ، رأس الميمنة وكبير الأمراء الناصرية محمد بن قلاون بعد الأمير جمال الدين نائب الكرك، قدم إلى مصر في أوائل سنة أربع وسبعمائة بعد ما طلبه الملك الأشرف خليل بن قلاوون، ورغبه في الحضور إلى الديار المصرية، وكتب له منشورا باقطاع جيد، وجهزه إليه فلم يتفق حضوره إلا في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان مقامه بالقرب من آمد، فاكرمه وعظمه وأعطاه أمرة، ولم يزل مكرّما معظما، وفي آخر وقته بعد خروج الأمير أرغون النائب من مصر كان السلطان يبعث إليه الذهب مع الأمير بكتمر الساقي وغيره، ويقول له لا تبس الأرض على هذا، ولا تنزله في ديوانك، وكان أوّلا يجلس رأس الميمنة ثاني نائب الكرك، فلما سار نائب الكرك لنيابة طرابلس جلس الأمير جنكلي رأس الميمنة، وزوّج السلطان ابنه إبراهيم بن محمد بن قلاوون بابنة الأمير بدر الدين، وما زال معظما في كل دولة، بحيث أن الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون كتب له عنه الأتابكي الوالدي

<<  <  ج: ص:  >  >>