إحدى وستين درجة وخمسين دقيقة، فيكون امتداد هذا الجبل مقدار خمس عشرة درجة وعشرين دقيقة، مما به أعظم دائرة في الأرض ثلثمائة وستون درجة، ويخرج من هذا الجبل عشرة أنهار من أعين فيه ترمي كل خمسة منها إلى بحيرة عظيمة مدوّرة، وإحدى هاتين البحيرتين مركزها حيث البعد من ابتداء العمارة بالمغرب خمسون درجة، والبعد من خط الاستواء في الجنوب سبع درج وإحدى وثلاثون دقيقة، ومركز الثانية حيث البعد عن أوّل العمارة بالمغرب سبع وخمسون درجة، وحيث البعد من خط الاستواء في الجنوب سبع درج وإحدى وثلاثون دقيقة، وهاتان البحيرتان متساويتان وقطر كل واحدة منهما مقدار خمس درج، ويخرج من كل واحدة من البحيرتين أربعة أنهار ترمي إلى بحيرة صغيرة مدوّرة في الإقليم الأوّل بعد مركزها عن أوّل العمارة بالمغرب ثلاث وخمسون درجة وثلاثون دقيقة، وعن خط الاستواء من الشمال درجتان من الإقليم الأوّل، ومقدار قطرها درجتان ويصب كل واحد من الأنهار الثمانية في بحيرة وفي هذه البحيرة نهر واحد وهو: نيل مصر، ويمرّ ببلاد النوبة «١» نهر آخر ابتداؤه من غير مركزها على خط الاستواء كبيرة مستديرة مقدار قطرها ثلاث درج وبعد مركزها من أوّل العمارة بالمغرب: ثلاث وأربعون درجة، ويلقي نهر هذه العين لنهر النيل حيث البعد من أوّل العمارة بالمغرب ثلاث وأربعون دقيقة، وإذا تعدّى النيل مدينة مصر إلى بلد يقال له: شطنوف «٢» يفرق هناك إلى نهرين يرميان إلى البحر المالح أحدهما يعرف ببحر رشيد، ومنه يكون خليج الإسكندرية، وثانيهما يعرف ببحر دمياط، وهذا البحر إذا وصل إلى المنصورة تفرّع منه نهر يعرف ببحر أشمون يرمي إلى بحيرة هناك. وباقية يرمي إلى البحر المالح عند دمياط، وزيادة النيل هي من أمطار كثيرة ببلاد الحبشة، والله أعلم.
واعلم أن الوزن من الدستورات المنتخبة من حال الماء فإنّ الأخف في أكثر الأحوال أفضل فهذا ما ذكره الرئيس ابن سيناء من صفات المياه الفاضلة، واعتبر ما قاله تجد ذلك قد اجتمع في ماء النيل.
فأوّله أن ماء النيل عين تمرّ على أراضي حرّة، ولا يغلب على تربه ما يمرّ به شيء من الأحوال والكيفيات الردية كمعادن النفط، والشب والأملاح والكباريت، ونحوها بل يمرّ على الأراضي التي تنبت الذهب بدليل ما يظهر في الشطوط من قراضات الذهب، وقد عانى جماعة تصويل الذهب من الرمل المأخوذ من شطوط النيل فربحوا منه مالا وفضيلة كون الذهب في المال لا تنكر.
الثاني: أن النيل في جريانه أبدا مكشوف للشمس والرياح.