للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب بالمدينة النبوية، والخليفة حينئذ بالعراق أبو جعفر عبد الله بن محمد المنصور، فكتب إلى عامله على مصر يأمره بطمّ خليج القلزم حتى لا تحمل الميرة من مصر إلى المدينة، فطمّه وانقطع من حينئذ اتصاله ببحر القلزم وصار على ما هو عليه الآن، وكان هذا الخليج أوّلا يعرف بخليج مصر، فلما أنشأ جوهر القائد القاهرة بجانب هذا الخليج من شرقيه، صار يعرف بخليج القاهرة، وكان يقال له أيضا خليج أمير المؤمنين، يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه الذي أشار بتجديد حفره، والآن تسميه العامة بالخليج الحاكميّ، وتزعم أن الحاكم بأمر الله أبا عليّ منصورا احتفره، وليس هذا بصحيح. فقد كان هذا الخليج قبل الحاكم بمدد متطاولة، ومن العامة من يسميه خليج اللؤلؤة أيضا.

وسأقص عليك من أخبار هذا الخليج ما وقفت عليه من الأنباء.

قال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه في أخبار طيطوس بن ماليا بن كلكن بن خربتا بن ماليق بن تدراس بن صابن مرقونس بن صابن قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح، وجلس على سرير الملك بعد أبيه ماليا، وكان جبارا جريئا شديد البأس مهابا، فدخل عليه الأشراف وهنوه ودعوا له، فأمرهم بالإقبال على مصالحهم وما يعنيهم، ووعدهم بالإحسان، والقبط تزعم أنه أوّل الفراعنة بمصر، وهو فرعون إبراهيم عليه السلام، وأن الفراعنة سبعة هو أوّلهم، وأنه استخف بأمر الهياكل والكهنة، وكان من خبر إبراهيم عليه السلام معه، أن إبراهيم لما فارق قومه أشفق من المقام بالشام، لئلا يتبعه قومه ويردّوه إلى النمرود، لأنه كان من أهل كونا من سواد العراق، فخرج إلى مصر ومعه سارّة امرأته وترك لوطا بالشام.

وسار إلى مصر، وكانت سارّة أحسن نساء وقتها، ويقال أنّ يوسف عليه السلام ورث جزأ من جمالها، فلما سار إلى مصر، رأى الحرس المقيمون على أبواب المدينة سارة، فعجبوا من حسنها، ورفعوا خبرها إلى طيطوس الملك وقالوا: دخل إلى البلد رجل من أهل الشرق معه امرأة لم ير أحسن منها ولا أجمل.

فوجّه الملك إلى وزيره فأحضر إبراهيم صلوات الله عليه وسأله عن بلده، فأخبره.

وقال: ما هذه المرأة منك؟ فقال أختي. فعرّف الملك بذلك فقال: مره أن يجئني بالمرأة حتى أراها. فعرّفه ذلك، فامتغص منه ولم تمكنه مخالفته، وعلم أن الله تعالى لا يسوؤه في أهله، فقال لسارة: قومي إلى الملك، فإنه قد طلبك مني. قالت: وما يصنع بي الملك وما رآني قبل قال: أرجو أن يكون لخير. فقامت معه حتى أتوا قصر الملك، فأدخلت عليه، فنظر منها منظرا راعه وفتنته، فأمر بإخراج إبراهيم عليه السلام فأخرج، وندم على قوله إنها أخته، وإنما أراد أنها أخته في الدين، ووقع في قلب إبراهيم عليه السلام ما يقع في قلب الرجل على أهله، وتمنى أنه لم يدخل مصر فقال: اللهم لا تفضح نبيك في أهله. فراودها

<<  <  ج: ص:  >  >>